يصاب بعض الناس بالمرض لمجرد تناول وجبات الطعام بالرغم من حرصهم على تجنب ألوان الأطعمة الدسمة والاعتدال في أكل الأطعمة العادية فما هو العلاج.. وما هي أنسب الأطعمة لمعدتنا ؟ ذلك هو السؤال الذي عكف على دراسته طبيب من كبار الأطباء. وطلع في نهاية الأمر إلى النتائج التالية: أن أحدا لا يعرف على وجه الدقة منذ ظهر الإنسان على هذه الأرض ولكنه من المحقق أن تاريخ الجنس البشري يقدر بملايين السنين. ولقد عاش الإنسان خلال الجانب الأكبر من هذه الأحقاب السحيقة على القنص والصيد.. يأكل نبات الأرض وحيوانها ثم عرف الإنسان الزراعة في فترة متأخرة نسبيا ولكنه لم يستطع أن يتعرف على العديد من المواد الغذائية كالقهوة والشكولاته والسكر إلا في المراحل المعاصرة من مراحل تطوره. وهو مدين في ذلك لتقدم وسائل المواصلات التي أتاحت له أن ينتقل بنفسه من مكان إلى مكان كما سهلت عليه نقل الحاصلات التي تنتج في قارة نائية إلى أي بقعة يختارها من الكرة الأرضية بأسرها !
وليس من الغريب إذن أن يكون الجسم الإنساني الذي عاش معظم تاريخه على غنائم القنص والصيد. غير مستعد لتقبل الأطعمة المعروفة في المجتمعات الحديثة. ومن ثم فإن قلة من الأطباء في الغرب يتخصصون في دراسة ما يسمونه ” بحساسيات الطعام ” لإيجاد أفضل الطرائق لعلاجها. ويعتقد أولئك الأطباء بأن هذه الحساسيات يمكن أن تحدث مجموعة مختلفة من الأعراض وتكمن الصعوبة في معرفة أنواع المأكولات أو الأطعمة التي تتسبب في إحداث هذه الأمراض أو تلك… من هؤلاء الأطباء الدكتور ريتشارد ماكونس الذي عكف على دراسة الأمراض الخفية الناتجة عن المأكولات والأطعمة منذ عام 1958. وفي اعتقاده أن الأعراض تكون في الغالب الأعم نفس الأعراض الناتجة عن الأمراض الشائعة الأخرى من تغير في وزن الجسم أو تورم في كاحل القدمين أو اليدين أو الوجه أو المعدة…
وقد يشعر المرء أحيانا بأنه متعب حتى وهو يغادر فراشه في الصباح عقب نوم مستريح طويل. وقد يتصبب عرقا دون أن يقوم بأي مجهود عضلي أو جسماني وقد يعتريه النعاس من آن لآخر في أوقات العمل ويقول الدكتور ماكونس أن واحدا من مرضاه كان يعاني من تزايد ضربات قلبه بعد أن يفرغ من طعامه.
ولما كانت هذه الأعراض مماثلة للأعراض المعروفة لطائفة من الأمراض الأخرى كما سبق القول فإن أول واجب أمام الطبيب المعالج هو التأكيد من عدم إصابة المريض بأي مرض آخر وعليه بعد ذلك أن يراجع تاريخ الحساسيات في العائلة والسؤال عن مريضه عما إذا كان والداه أو غيرهما من أقربائه المقربين قد عانوا من الربو أو الأكزيما.
ولابد للطبيب المعالج أن يطلب من مريضه قائمة بمأكولاته وخاصة الألوان المحببة إليه من الأطعمة والمشروبات وبعدها يطلب منه أن يمتنع عن الأكل تمام الامتناع لمدة خمسة أيام يعيش خلالها على شرب الماء وذلك لإزالة آثار الأطعمة السابقة من معدته. ويستطيع الطبيب أن ينتقل عندئذ إلى مرحلة اختبار خاصة لتحديد آثار الأطعمة المختلفة التي تقدم للمريض وتتم عملية الاختبار بإعطائه قطرات من محلولات مركزه من كل طعام على حدة وما ان يضع المريض قطرات الطعام الذي يسبب حساسيته تحت لسانه حتى تظهر عليه الأعراض فورا. أما العلاج الذي يصفه الطبيب فهو بكل بساطة امتناع المريض كليا عن تناول الطعام الذي يسبب أعراض الحساسية.
والله الموفق
27/10/2008