الشوف ما كيبرد الخوف، والريح ما يحمل بيه الواد: أي إن الرؤية وحدها لا تشفي الغليل، والريح لا يجري به النهر .
يقال لبيان أن الأشياء المهمة، لا تتم وتكمل وتنتج إلا بالعمل الصحيح، فالجيعان مثلا، لا يشبع بمجرد رؤية الطعام، بل لا بد من أن يتناوله، حتى تأخذ منه بطنه ما يكفيها، والظمآن لا يكتفي بالنظر إلى الماء البارد، بل لا يزول ظماه حتى ينهل ويروى، وكذلك النهر لا تجري ماؤه جريانا ويتدفق ويفيض بمجرد هبوب الرياح عليه، بل لا بد لذلك من تهاطل الأمطار والفجار العيون. يقال عندما يوجد أي شيء – حسي مادي أو معنوي أدبي- لا يكتفي فيه بالنظر من بعيد، أو بمؤثر غير متصل ولا شديد….
شوف فيا نشوف فيك آ طاجين الحوت: انظر إلي أنظر إليك يا طاجن السمك. الطاجين، ويجمع على طواجن، هو أنية فخارية يطبخ فيها السمك وغيره، فإن كانت من نحاس ونحوه سميت طنجرة. يقال على سبيل الاستغراب أو الاستنكار، عندما يقع الاجتماع ويعم السكوت، ويقتصر على تبادل النظرات دون الكلام أو العمل، للحض على الحركة والتكلم وقطع حبل الفتور والملل.
وأصله أن أحدهم، ولعله من الحشايشية أو الكيافة، وضع أمامه طاجينا من السمك، ولم يمد إليه يده لسبب من الأسباب، فلما طال عليه الحال على ذلك، قال كلمته البسيطة، التي صارت مثلا في الأوساط الشعبية. وعلى ذكر طواجن الحوت، نذكر أن في شواطئ البحر الأبيض المتوسط – قرب تطوان – يوجد سمك صغير يسمى (الشطون)، يجعل في طواجين خاصة مع مجموعة من التوابل، ويطبخ في الأفران، فيكون من ألذ المأكولات .
شوف واسكوت، مكتوبا ف باب التوت: انظر واسكت، مكتوبة في باب التوت. باب التوت هو أحد الأبواب القديمة بمدينة تطوان، وقد هدم في عهدنا هذا عقب انتهاء الحماية الأجنبية وتوحيد البلاد تحت حكم السلطان الشرعي للمغرب .
وكانت العادة بتطوان منذ عهد قديم إلى العقد الثالث من هذا القرن، أن تعلق فوق باب التوت، رؤوس الأشخاص الذين يقتلون، وتفصل رؤوسهم عن أجسادهم، إما لأنهم حقيقة من الثوار والعصاة المفسدين في الأرض، وإما لأن التيار حرفهم فيمن يعرف من الأبرياء الذين يركنون إلى الأشقياء.
يقال على سبيل التنبيه، عندما تكون الأحوال غير عادية، بحيث يغشى الضرر على من يتكلم بحرية، أو يقوم بحركة ثورية أو تحررية. ولعل مثل باب الثوت بتطوان، كان موجودا أيضا في غيرها من البلدان.
العنوان: الأمثال العامية في تطوان والبلاد العربية (الجزء الرابع)
للمؤلف: محمد داود
تحقيق: حسناء محمد داود
منشورات باب الحكمة
(بريس تطوان)
يتبع…





