الأمثال العامية بتطوان… (472) - بريس تطوان - أخبار تطوان

الأمثال العامية بتطوان… (472)

قال لو: كيف عبر عليك وانتين قصير؟ قال لو: هو أقصر مني: قال له: خدعك وأنت قصير؟، قال له: خدعني من هو أقصر مني. يكنى بذلك عن أن خداع القصير من الغرابة بمكان، لأن الشأن في قصار القامات أن يكونوا من الذكاء بمكان، بحيث لا تجوز عليهم الحيل، ولا يخدعون أو يظلمون إلا نادرا.

ومما يحكى في هذا الباب، أن أحد الملوك جلس ذات يوم للحكم بين الناس، وجلس وزيره، فتقدم إليه رجل يتظلم ويشكو، فأعرض عنه الملك وأدار وجهه لناحية أخرى، فدار ذلك الرجل للناحية التي توجه إليها الملك وكرر تظلمه وشكواه، فأعرض عنه الملك مرة أخرى، وتكرر ذلك مرارا، مما جعل الوزير يسأل الملك عن سبب ذلك، فقال له الملك: لا يمكن أن يكون هذا الرجل مظلوما، لأنه قصير، وكان الرجل ذكيا بالفعل، إذ أنه فهم من إشارة الملك ما قاله لوزيره، فرفع صوته بقوله: يا سيدي إن الذي ظلمني أقصر مني، فإذ ذاك قال له الملك: الآن نعم، وسمع كلامه ونظر في دعواه وأنصفه.

قال لو: لآين ماشي السلف؟ قال لو: لدار التلف: قال له: إلى أين يذهب السلف؟ فقال له: إلى دار التلف. يقال للتحذير من عاقبة السلف، لأنها قلما تكون محمودة، إذ قد تكون سببا في حصول الأزمات وتغيير القلوب، وتناكر الأصدقاء ومقاطعة الأحباب، ما عدا إذا كانت هناك ضرورة، فإن للضرورات أحكاما تخصها، إلا أنه ينبغي للعاقل النبيه، قبل أن يتسلف أو يسلف، أن يعمل كل ما في استطاعته ليخرج الأمر بسلام. وخير من التسلف والمنة، أن يقنع المرء بما لديه، وأن يمد رجله على قدر لحافه، وأن يؤخر اقتناء ما يتسلف لأجل الحصول عليه، إلى أن يتيسر له من المال ما يتوصل به إليه.

 قال لو: مناين داك الغصن؟ قال لو: من ديك الشجرة: قال له: من أين ذلك الغصن؟ فقال له: من تلك الشجرة. يكنى بذلك عن أن الفرع يتبع أصله في الخير والشر، والجودة والرداءة، والإحسان والإساءة. وفي القرآن الكريم: «والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه، والذي خبث لا يخرج إلا نكدا».

يقال في الغالب عندما يوجد ولد يقلد والده، أو تلميذ يتبع أستاذه، أو صغير يحاكي كبيرا في شيء امتاز به، وخصوصا في الشيطنة وما إليها. وبعضهم يقول: مناين داك المدر. والمدر، يطلق عندنا على فرع الشجرة، أي ما يتفرع من أصلها وساقها وجذعها، وهو أكبر من الغصن، إذ من المدر تتفرع الأغصان. ولفظ الشجرة، ينطق به عندنا مكسور الشين، مسكن الجيم.

العنوان: الأمثال العامية في تطوان والبلاد العربية (الجزء الرابع)

للمؤلف: محمد داود

تحقيق: حسناء محمد داود

منشورات باب الحكمة

(بريس تطوان)

يتبع…


شاهد أيضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.