بريس تطوان
جامع تاسياست أو “تاسيات”، وقد رأيناه يكتب بلفظ: “تاسيست” في رسم يعود إلى عام 1198هـ/1784م: اسم حومة من تطوان من فدادين الوطاء، واقعة بين الرميلات ونوادر المريسة المجاورة لدخلة اغنيوات بمدشر الملاليين الحوزي.
وهو من المواضع الأثرية وكان إلى عهد قريب جدا من جملة المنتزهات التي يذهب إليها أهل تطوان للترويح عن النفس، وبه غابة وسطها بعض الخرائب التي نسبتها العامة إلى أهل سوس.
وإجمالا، فإن حكاية أهل سوس الذين عمروا هذه الناحية فسرت تفسيرات كثيرة، ولا نعلم في شمال المغرب قبيلة من أهل الجبل أو الريف إلا وبها حكايات تتفق مع بعضها أحيانا وتختلف في تفاصيل بسيطة أحيانا أخرى عن السوسيين الذين كانوا هنا وأهلكهم العارض الشرقي الذي دام سنوات كثيرة وما صاحبه من حمى وبعوض…
ولعل هذه تدل على المصامدة الذين كانوا هنا بالتأكيد خصوصا في العصور الجاهلية السابقة على الإسلام، والذين انفصلت قبائل غمارة التي كانت تسكن كل هذه الناحية بين نكور وسبتة في العصر الوسيط عنهم كون غمارة فرعا من مصمودة بالتأكيد عند كل نسابة البربر.
أما بخصوص هذا الموضع الأثري تحديدا فإن القداسة التي كان يحظى بها لدى أهل الحوز تحديدا (وهم في الأصل قبيلة مجكسة)، والاعتقادات الكثيرة في تعمير الجن والعفاريت له واعتقاد الكثير من أهل البطالة في امتلائه بالكنوز وسعيهم في البحث عنها، يثير الشك في كونه من القرى القديمة التي كانت موطنا لقبيلة مجكسة المعروفة بمثل هذه الأمور، خصوصا وأن وراءه الموضع المسمى قديما “مدكسة” وهو من بقايا اسم القبيلة المذكورة.
ويزيد من رجاحة هذا الاحتمال وجود خرائب وسط المكان اعتقدت العوام أنها كانت مسجدا لهؤلاء السوسيين، وهو وجه تسمية الناحية كلها ب “جامع تاسياست”. وانظر هل يكون هذا الموضع بقايا معبد وثني يعود إلى عصور الجاهلية؟
يقول الرهوني: “وكانت لهذه القرية السوسية أهمية حسبما تدل على ذلك مجاري المياه، مبنية على قواديس بناء متقنا، موجود أثرها على مسافة ألف مطر من منبع الماء، ولا زال ذلك قائما إلى الآن”.
وأما لفظ تاسياست الذي يسمى به المكان فهو بربري كما هو واضح، ولعل أصله من “أسايس” وهو لفظ يدل عادة على التجمهر والتجمع، وهذا يؤكد أكثر فرضية كونه في الأصل معبدا سابقا على الإسلام أو من آثار قبيلة مجكسة بعد الفتح الإسلامي. وانظر هل هو موضع البلدة التي سماها البكري في القرن الخامس الهجري “تاورص” الواقعة قريبا من مجرى “وادي أليلى” على حسب وصفه في الطريق المفضي من “قب منت” (أي رأس الطرف) إلى تطوان، وإحداثيات البكري هذه تطابق موضع جامع تاسياست فإنه قريب جدا من مجرى وادي أليلى الذي يصب في الواد المالح (مدكسة)، ويزيد من تأكيد الفرضية قرب وزن الكلمتين: “تاورص” و “تاسياست”. والله أعلم.
العنوان: معجم الأماكن التاريخية في تطوان
للمؤلف: بلال الداهية
منشورات باب الحكمة
(بريس تطوان)
يتبع…