عمر أبراق من شمال أمريكا/ بريس تطوان
رغم أنني أتواجد في بلاد قصية وراء بحر الظلمات، غير أنني بين الفينة والأخرى أنقر على جميع الأخبار المتعلقة بجريدة “بريس تطوان” الإلكترونية، للإطلاع على أحوال أجمل مدينة في غرب حوض البحر الأبيض المتوسط.
وفي ظهيرة نهاية أسبوع من شهر غشت عثرت بالصدفة على خبر تعزية ومواساة منشور على أعمدة جريدة” بريس تطوان” الإلكترونية، مرفوقا بصورة الراحل “مراد الخراز” فصعقت في مكاني وتسمرت بدون حراك على الكرسي لوهلة من الزمن.
فعلا كان من الصعب في الوهلة الأولى تصديق الأمر، لكن في النهاية أدركت أنه قدر الله ولا راد لقدره، وإن الابن البار لمدينة تطوان الاستاذ “مراد الخراز” قد ترجل أخيرا عن صهوة الحياة وانتقل إلى جوار ربه راضيا مرضيا.
ربما لن يصدقني أحد أنني لم أكن أعرف “مراد الخراز” المحامي المنتمي لنقابة هيئة المحامين بمدينة تطوان، بل كنت أعرف مراد الخراز الطالب بمدينة فاس.
نعم لقد تشرفت بمعرفة المرحوم “مراد الخراز” ونحن طلبة غرباء، قادمين من مدينة الحمامة البيضاء، حيث كنا نعيش الرمق الأخير من الزمن الجميل بقلعة الحرم الجامعي العتيد ظهر المهراز قبل دخول التسعينات وحلول خفافيش الظلام.
لا زلت أتذكر مراد وهو جالس بأحد المقاهي الشعبية بحي” الليدو” الشعبي بفاس وفي يده اليمنى مطبوع لمدخل دراسة القانون للعميد آمال جلال، وفي يده اليسرى رواية مدن الملح للكاتب الكبير عبد الرحمن منيف .
أتذكر مراد الخراز وهو يستمع بإمعان للجدل الفلسفي والوجودي بحلقات التأطير الطلابي بساحة جامعة فاس، لأنه كان يؤمن بأن التكوين لا يعني الحشو والشحن، بل الغوص في عالم الأفكار والمعرفة، وأن الطالب الحقيقي يجب أن يكون حركة مد مجتمعية وليس حركة جزر ونكوص.
أتذكر “مراد الخراز” بمقهى تاهيتي الطلابية والتي كان يجلس فيها الطلبة القادمون من مدينة تطوان، وهو يستمتع بترديد اغنية “بين ريتا وعيوني بندقية”، وأغنية لم يعرفوني في الظلال التي تمتص لوني بجواز السفر للفنان الملتزم مارسيل خليفة .
كان مراد الخراز الطالب، مناضلا حالم بغد أفضل شأنه شأن باقي أقرانه من جمهور الطلبة، لكن ما كان يمنحه الفرادة والتميز هو أنه كان منفتحا على الجميع وغير متعصب، وتعلو وجهه ابتسامة تعكس معدنه التطواني الخلوق و الأصيل .
في بداية التسعينات تفرقت بنا السبل سلكت طريق الوظيفة بالإدارة العمومية المغربية بمدينة الرباط، وسلك الأستاذ مراد الخراز درب مهنة المحاماة بمدينة تطوان وكنت ألتقي به في بعض المناسبات حيث كنا نتبادل أطراف الحديث ونتذكر أيام الحي الجامعي والمطعم الجامعي وأحياء العسكر ومقاهي حي الليدو الشعبي.
فعلا منطق الحياة عصي على الفهم خاصة عندما يتعلق الأمر بفقد شخص عزيز على قومه ومدينته، لكن قدر الله وما شاء فعل ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم وإنا لله وانا اليه راجعون.
وداعا مراد الخراز أيها الرجل الفاضل.
السلام عليك . اخي ونعم الاخ عمر
اشتقت للجلوس معك اشتقت لكلامك وحكمك استقت لمنطق وفصاحة لسانك
كل ما قلته عن المرحوم الاستاذ ابن الاستاذ صحيح . وقد عدت بي الى اجمل لحظات شبابنا وحماسنا
رحم الله ذ مراد
هم السابقون ونحن اللاحقون
وانا لله وانا اليه راجعون
اخوك الذي اشتاق لرؤيتك والحديث معك محسن احمدانش