بريس تطوان
في خطوة جديدة ضمن مسار تطوير مشروع الربط الثابت بين المغرب وإسبانيا عبر مضيق جبل طارق، أعلنت وزارة النقل الإسبانية تقليص الميزانية المخصصة لهذا الورش الاستراتيجي من 2,432 مليون يورو إلى 1,632 مليون يورو، مع الحفاظ على طموحات المشروع التي تضعه في صدارة أولويات الربط الأورو-إفريقي.
وبحسب المعطيات المنشورة في بوابة التعاقدات العمومية، وأكّدتها شركة “سيكجسا” الإسبانية المكلّفة بتنسيق الدراسات التقنية، فإن تقليص الكلفة يعود إلى حذف بعض مكونات المشروع في نسخته الأولى، أبرزها إلغاء دراسة نفق استطلاعي، وتقليص عدد السيناريوهات المقترحة للمسار الرئيسي.
ورغم هذا التعديل المالي، تؤكد الحكومة الإسبانية التزامها التام بالمضي في إنجاز هذا الربط القاري، الذي تراهن عليه كجسر اقتصادي واستراتيجي لتعزيز التكامل بين ضفتي المتوسط، عبر تسهيل حركة الأشخاص والبضائع والخدمات، وربط شبكات النقل واللوجستيك بين إفريقيا وأوروبا.
وفي السياق ذاته، تواصل شركة “إينيكو” العمومية إعداد دراسة الجدوى المالية والفنية، تشمل تقدير الطلب المستقبلي، وتحليل الجدوى الاقتصادية، وتقييم البنيات التحتية المطلوبة، حيث تواصل شركة “هيرينكنيشت” الألمانية تقييم الإمكانيات التقنية لإنجاز النفق في بيئة بحرية معقدة، تضم جيولوجيا صخرية طينية معروفة بـ”الفيليش”، حيث يُنتظر إصدار نتائج الدراسات التقنية خلال الصيف المقبل.
ومن جانبها، شرعت الحكومة الإسبانية في إجراءات تقنية ميدانية منذ نوفمبر الماضي، شملت استئجار أربعة أجهزة سيسمومترية من شركة متخصصة، من أجل تحليل النشاط الزلزالي في منطقة الربط المستهدفة، وذلك في خطوة أساسية لضمان سلامة المشروع في المدى البعيد.
ويعود أصل فكرة الربط البحري إلى اتفاق مشترك وُقع سنة 1980 بين المغرب وإسبانيا، نتج عنه إنشاء شركتين وطنيتين مختصتين بالدراسات التقنية، وهما “سيكجسا” الإسبانية و”SNED” المغربية.
وقد أُنجزت منذ ذلك الحين أبحاث تقنية وجيوفيزيائية، شملت حفر تجريبي على اليابسة وفي قاع البحر، بالإضافة إلى عدة عمليات رصد زلزالي.
الدراسات السابقة رجحت إمكانية تنفيذ نفق بطول 38.5 كيلومترا، يربط بين “بونتا بالوما” بإسبانيا ومدينة طنجة، ويضم مسارين للقطارات، منها 27.7 كيلومترا تحت سطح البحر.
وأعيد إحياء المشروع بقوة منذ تحسن العلاقات الثنائية بين البلدين في أبريل 2022، خاصة بعد دعم مدريد لمبادرة الحكم الذاتي المغربية، ليتم التأكيد خلال القمة الثنائية في فبراير 2023 على البعد الاستراتيجي للمشروع.
ويُنتظر أن تتواصل المشاورات الفنية والسياسية خلال الأشهر المقبلة، في أفق التوصل إلى اتفاقيات جديدة بين الرباط ومدريد، ترسم معالم انطلاق فعلي لأحد أضخم مشاريع الربط القاري في المنطقة.