أين يذهب المرض بعد الشفاء؟ - بريس تطوان - أخبار تطوان

أين يذهب المرض بعد الشفاء؟

بريس تطوان

يُعدّ سؤال “أين يذهب المرض بعد الشفاء؟” من الأسئلة التي تجمع بين الطب والعلم من جهة، وبين الفلسفة والتأمل الإنساني من جهة أخرى. وبينما تبدو الإجابة في ظاهرها علمية وبسيطة، إلا أن عمقها يكشف عن أبعاد متعددة لتجربة الشفاء.

في حالات الأمراض الفيروسية أو البكتيرية، يعتمد مصير المرض بعد الشفاء على طبيعة الميكروب المسبب. ففي كثير من الحالات، ينجح الجهاز المناعي في القضاء التام على الفيروسات أو البكتيريا، ما يعني اختفاءها نهائيًا من الجسم. إلا أن بعض الفيروسات، كالهربس أو الجدري المائي، تظل كامنة داخل الجسم حتى بعد زوال الأعراض، وقد تعود إلى النشاط لاحقًا تحت ظروف معينة.

أما في ما يتعلق بالأمراض المزمنة، مثل السكري وارتفاع ضغط الدم، فإن “الشفاء” لا يعني زوال المرض، بل السيطرة عليه. يُدار المرض من خلال الأدوية وتعديل نمط الحياة، ويظل المريض تحت المراقبة لتفادي المضاعفات.

وفي حالات الجروح والإصابات، يُفعّل الجسم آليات بيولوجية دقيقة للإصلاح والالتئام. تتحلل الخلايا التالفة، ويتم تجديد الأنسجة عبر عملية طبيعية منسقة، تُعيد التوازن إلى الجسم، وإن كانت بعض الندوب قد تبقى كعلامات دائمة.

من جهة أخرى، ينظر بعض الفلاسفة والباحثين في مجالات الصحة النفسية إلى المرض كتجربة تترك أثرًا في الجسد والنفس، حتى بعد التعافي الظاهري. فقد يخلّف المرض دروسًا عميقة في إدراك الإنسان لذاته ولحياته، ويُعيد ترتيب أولوياته، أو يغيّر من رؤيته للعالم.

هكذا، فإن الشفاء لا يعني دائمًا “اختفاء المرض”، بل قد يعني تجاوزه، التكيّف معه، أو تحوّله إلى تجربة تكمّل نضج الإنسان.


شاهد أيضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.