الثقافة السياسية بين الوعي والأوهام - بريس تطوان - أخبار تطوان

الثقافة السياسية بين الوعي والأوهام

 الثقافة السياسية بين الوعي والأوهام
 
وجاء الربيع العربي بكل ما يحمل من مظاهر للتحرر وتغيير أشكال الديكتاتوريات ، وبكل ملامحه من محاولات ديموقراطية ، كثرت من خلالها الجماعات والانقسامات و التوجهات ، فأفرزت حالة من عدم التوافق بين الواقع الفعلي وبين خيال كل مجموعة من أحلام سياسية ومراهقات سياسية ، لن تجعل هناك استقرارا أو تتشارك بمصلحة الإصلاح للجميع .
 
ما أريد فحصه هنا هو حالة المجتمعات التي استطاعت أن تقود حركة شعبية واسعة النطاق والسعي نحو إنهاء أنظمة ديكتاتورية واستبدالها بأخرى ذات إجماع شعبي ، هذا السلوك المجتمعي الذي فجر المجتمع نحو المطالبة بأقل حقوقه كان في ظل أنظمة ديكتاتورية لم تأهله حركات البناء المجتمعي إلى العيش في مجتمع مدني يستطيع أن ينشئ المجتمع على الاهتمام السياسي والمعرفة السياسية ويقوده إلى مشاركة سياسية حقيقية وفعالة يمكن لها أن تصقل الثقافة السياسية لدى المجتمع من خلال العدالة ، مما يقود سلوكه إلى المطالب السياسية ، هذه المطالب التي تتعدى الان مستواها الطبيعي ، فحين نصل إلى مجتمع لديه ثقافة سياسية على المستوى الأفقي يمكن أن نطلع إلى ثقافة سياسية لديه على المستوى العامودي بتحديد شكل العلاقات الدولية للدولة أو منهجها الاقتصادي مع الدول الاخرى .
إن السلوك الذي تكون لدى المجتمعات العربية من حالة عدم الوعي بأهمية الاستقرار الذي يجب أن تصل له الدولة ومحاولة إعادة البناء ، جعل هناك حالة رفض دائم وهذا سلوك لا يخدم الاستقرار ولا يفيد في تكوين استراتيجية الدولة بل يشتت الاهتمام نحو محاولات استرضاء للجماعات لن تنتهي ، مما يطيل عمر الفوضى والرفض الدائم لكل شئ .
نخشى أن يفرز الربيع العربي الاعتصام كظاهرة لن تخدم الربيع ولا أي فصل اخر ، بل ستبقى الاعتصامات يرد كل منها على الاخر في حالة عدم التعامل مع ذلك بشكل تنظيمي يخدم مصلحة الاستقرار في الدولة ، هذا ما أظهره المجتمع المصري في حالات الاحتجاج والاعتراض التي لا ينتهي على جميع المستويات وكأن المجتمع وصل في ثقافته السياسية إلى قدرته على الاستزاده من رفض إلى اخر حتى الرفض على شكل العلاقات الدولية بين مصر وغيرها وشكل الفكر الاقتصادي الذي يمكن أن تسلكه مصر للخروج من أزمتها ، والاعتراض على دستور وقانون ومجلس عسكري ، بالرغم من أن اختيار وتفويض الشعب لرئيس يجب أن تضبط سلوك المجتمع نحو ذلك مع المحافظة على تعزيز دوره في الرقابة والمحاسبة عندما لا تتحقق الأهداف ، إلا إذا تعارضت مصلحة الاستقرار إلى مصالح مجزأة وكثيرة حسب كل جماعة .
 
ميسون برهومة
 
 


شاهد أيضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.