ايقاعات العالم .. - بريس تطوان - أخبار تطوان

ايقاعات العالم ..

ايقاعات العالم ..

يوم السبت الماضي ، بمدينة الرباط ،، وضع مهرجان ” موازيــن ” أوزاره ، واختتمت بذلك الدورة 11 لهذا الموعد السنوي، مع الفرجة والترفيه والمتعة ، وبدلك ينهي المهرجان عقده الأول ويدشن عقده الثاني ، في مناخ وظروف مغايرة لتلك التي رافقت نشوءه مع بدايات الألفية الثالثة ، تقتضي – بالضرورة-  مراجعات منهجية على مستوى المضمون والاختيارات، وهو ما لم يتم، وينبغي استحضاره بدقة في كل برمجة مستقبلية لهدا النشاط الضخم ، الأضخم وطنيا وافريقيا وربما عالميا ، سواء على مستوى المحتوى، أوالمدة الزمنية التي يستغرقها ،،

 اثارة هدا الموضوع ليس خروجا على خط هدا العمود الدي ارتضى لمواضيعه التركيز على المحلي والجهوي، تماشيا مع الخط التحريري” لتمودة-تطوان” ، و انما هو اهتمام بحدث وطني بانعكاسات جهوية ومحلية قوية تبدو أساسا في تفاعل عدد من المراهقين والشباب الدين غادروا مقاعد الدراسة، وسافروا الى الرباط للحضور في بعض السهرات، كتلك التي أحياها “أرماندو كرسيتيان بيريز” المشهور ب”بيتبول” (نفس الاسم الدي يطلق على صنف شرس من الكلاب)، والدي استقطب متفرجين كثر من المراهقين من  مناطق مختلفة منها تطوان..! وبالتالي صار الموضوع شأنا محليا الى جانب كونه حدثا وطنيا، سيما ادا استحضرنا المد المكثف للوصلات الاشهارية للمهرجان، اذاعيا وتلفزيا، والتي تخترق علينا بيوتنا دون استئذان ..!!

  نريد أن نؤكد ، منذ البداية، أن المهرجانات – ادا ما احترمت الضوابط- يمكن أن تشكل فعلا ايجابيا لما تتيحه من ترويح عن النفس وتنافس في الابداع الثقافي اضافة الى امكانية المساهمة في اعطاء صورة جميلة مطمئنة عن البلد، تسهل مهمة تسويق المنتوج الوطني على مختلف الأصعدة، التجارية والاستثمارية والسياحية ،، لكن هذه المهراجانات نفسها، يمكن أن تكون لها انعكاسات سلبية جدا، اذا لم تدبر بحكمة وبالشكل المطلوب.  
 
  بخصوص ” موازين” ، نريد أن نسجل ملاحظتين أساسيتين تقاسمهما الكثير من الناس، من خلال ما استمعت اليه من تعليقات بهدا الخصوص طيلة الأسبوع المنصرم :
الأولى، وتتعلق بالتوقيت، ذلك أن برمجة الحدث في النصف الثاني من شهر ماي، يجعله يتزامن مع فترة الاستعداد للامتحانات، سواء في المستوى الثانوي التأهيلي أو الجامعي العالي، وهو اختيار غير موفق لأنه ينعكس سلبا على التحصيل والتركيز اللازم لاجتياز الاختبارات وهو ما يسهم في اضعاف المردودية ، ويحز في نفس الكثير من الآباء والأمهات الذين عبروا عن امتعاضهم ، من هذا الاختيار..
الملاحظة الثانية : وتتعلق بالحجم الذي تأخذه التظاهرة ، وهو من الضخامة بشكل يوحي بكون المسألة، فيها من المبالغة ما من شأنه أن يعطي نتائج عكسية، ربما تسئ الى التظاهرة والاطار الذي تنظم فيه، بدل أن تنعكس عليها ايجابا..
أكثر من 10 فضاءات – منصات ، في مدينة واحدة (9 في الرباط وواحدة في سلا) وما يزيد على مائة “فنان” وفرقة ، اضافة الى الورشات والندوات على امتداد 9أيام (من18 الى 26 ماي ) بمعدل 10 مشاركات-سهرات، في اليوم، تعني للناظر اليها شيئا واحدا ، هو أن المدينة بأهلها وزوارها تتمايل طربا ، وربما يترنح سكانها فرحا وحبورا ، بينما الواقع يقدم مؤشرات دالة تثبت عكس هدا الأمر،، وبما أنه يحلو لبعضنا أن يذكرنا بأننا بلد متفتح ومنفتح على العالم وبما أننا عادة ما نضرب ألف حساب “لشركائنا” الأوروبيين بالخصوص، لدرجة أننا تنازلنا عن جزء أساسي من هويتنا وهي لغتنا الوطنية من أجل زرقة عيونهم، فاني أدعوكم للقيام بتمرين بسيط نحاول فيه أن نشاهد ما يحدث عندنا بعيونهم ،،
كيف لنا أن نستسيغ هذا الحجم من الفرح والنشاط في مدينة تعاني الأمرين من أجل جمع نفاياتها ؟؟ كما تعاني في ضمان خدمات مرفق النقل الحضري لساكنتها بالرغم من وجود الطرامواي الذي يحتاج الى ثقافة وعقلية خاصة ليثمر ويفيد..
حتما سيقول الأجنبي الذي ينظر الينا، حبذا لو يتفضل السادة المشرفون على التظاهرة برمجة وتمويلا ،، أثناء السهرات وبعدها، بزيارة مستعجلات ابن سينا ومختلف المراكز الاستشفائية العمومية ، خصوصا مراكز علاج السرطان، ليقفوا على حجم المعاناة التي يعانيها المرضى وذووهم، وهم يستمعون بمرارة الى صوت الموسيقى وهو يطرق آذانهم المتعبة .. وقد حالت قلة ذات اليد بينهم وبين مجابهة المرض والانتصار عليه ..
كيف يمكن لبلد يعاني من آثار الجفاف، و ثقل المديونية، وعجز الميزان التجاري، و انعكاسات الآزمة الاقتصادية العالمية على السياحة، وتحويلات مغاربة الخارج من العملة الصعبة ، والبطالة ، والتسريح، وافلاس المقاولات، وفشل المنظومة التعليمية أن يسمح بمثل هذه الأمور وبهذا الحجم في الوقت الذي شرع فيه في ادخال اصلاحات أساسية على نظامه الاقتصادي والسياسي ؟؟
اذا كان المنظمون لهذه التظاهرة يتوخون عكس ايقاعات العالم على أرض المغرب ،، فالأجدر بهم أن يأخذوا –أولا- ايقاعات الوطن في الاعتبار ..

زين العابدين الحسيني
تطوان


شاهد أيضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.