قراءة في آخر مؤلفات عميد كلية أصول الدين السابق - بريس تطوان - أخبار تطوان

قراءة في آخر مؤلفات عميد كلية أصول الدين السابق

 
 
قراءة في  آخر مؤلفات عميد كلية أصول الدين السابق

 
في خضم الانفراج الذي ساد العلاقة أخيرا – ولو نسبيا – بين العميد والأساتذة أبى هذا الأخير إلا أن يسبح ضد التيــار ويبقى متشبثا  بنهجه الذي دأب عليه منذ عقدين من الزمـن ، ويكرس بذلك نظرته الدونية للغير رغما على الجميع ضاربا عرض الحائط بكل أدبيات المعاملة والتواصل ، في فترة هذا الانفراج المكهرب أبى السيد العميد وخلال فترة الامتحانات  – الدورة الخريفية – إلا أن يقوم بتوزيع كتابه الأخيــر على كل الأطر التربوية والإدارية بالكلية وبعد ذلك على كل رؤساء المؤسسـات بتطوان  ، وبهذا التصرف كان في قرارة نفسه يستفز الكل وخاصة الأساتذة ويبعث لهم برسائل مشفرة ، فهو من ناحية أراد أن يرد لهم الصاع صاعين  وينتقم ويثأر لنفسه يوم امتحانات ماستير هذه السنة وما جرته عليه من ويلات ، ليس مجال الكلام عنها هنا ، حيث أحس أنه أهين في كبريائه بصفته عميد الكلية ، لأن الأحداث هذه السنة تجاوزته لاعتبارات يعرفها القاصي قبل الداني ، و إهانته كانت بكل المقاييس حيث جرت عليه سيلا من الانتقادات وأسالت مدادا كثيرا على صفحات الجرائد المكتوبة والإلكترونية .     
           
 أراد إيهام الجميع أنه ما زال سيد المؤسسة بلا منازع وأنه صاحب أفضال على  الجميع ، وأنه السيد المطاع الذي لا يشق له غبار ، ناسيا أو متناسيا أنه يلعب آخر لحظات الوقت الميت من الأشواط الإضافية ، ورجل من طينة هؤلاء يكون مصاب بالوهم المرضي الذي لا يصدق أنه أصبح خـارج  نطاق اللعبة .         
إن الكتاب الذي بين أيدينا والذي نحن بصدد الكلام عنه ترك صدى سيئا بين فئات الأطر التربوية والإدارية على حد سواء ، كتاب جاء في غير وقته المناسب ، جاء يكرس حالـة صاحبه المصابة بانفصام في الشخصية والمتطاول على أسياده وأولي نعمته الذين نصبوه نائبا عنهم ليتنكر له ويتجاهله ونقصد بـه “الشيخ المرحوم محمد حدو أمزيان ” .                                                      
عموما ، لا يمكن اعتبار هذا العمل كتابا لاعتبارات مختلفة ، لأنه من خلال قـــراءة العنوان يتخيل القارئ مباشرة أنه أمام فترة زمنية امتدت إلى ما يقارب الخمسين سنة من الدرس والبحث والتمحيص والتي اختصرها سيادته في بعض محطات لا تسمن ولا تغني من جوع حيث تغاضى عن أهم المحطات التي ميزت مسيرة الكلية والتي كان من المفروض عليه الحديث عنها والتطرق إليها ، هو عمل مقصود لحاجة في نفسه والتي يعلمها الكل ولا يجهلها أي كان ، حيث إن مجهودات بذلت خلال سنين قبل مجيئه لرئاسة المؤسسة وبلوغها أعلى المستويات واللحاق بباقي المؤسسات الجامعية حتى أصبح لها اسم مكتوب بالذهب .    

للأسف الشديد الكتاب فارغ من حيث المضمون ، ولا يطفئ ضمأ القارئ الذي يستفزه العنوان الطويل العريض قصد الإبحار في مسيرة الكلية خلال عقود خلت ، كتاب يحمل عنوانا كبيرا وعريضا لا تجد له إجابة عبر صفحاته ولا ترجمة لعنوانه من حيث الوقائع والمحطات التي ميزت عمر الكلية ، ماعدا بعض الإشارات التي لا تفي بالمطلوب ولا بالمضمون .     

مارس المؤلف للأسف تعسفا مقصودا مع سبق الإصرار والترصد كما يقال ولم يكن أمينا من الناحية التاريخية في ترجمة واقع الكلية خلال مسيرتها حيث جانبه الصواب وتغاضى الطرف عن حقائق واضحة واستبعد ما استبعد من إشارات ومحطات عن قصد لحاجة يعلمها هو وحده عملا بالمقولة : كم حاجة قضيناها بتركها .
يعرف الجميع أن الكلية  استقبلت أول فـوج لها سنة 1963  وكان أول عميد لها ” المرحوم الشيخ محمد التهامي الوزاني ”  ، امتدت رئاسته لها لغاية وفاته سنة 1972 ، وعلى هذا الأساس يمكن اعتبار هذا العالم المؤسس – إن جاز مثل هذا التعبير –  لهذه الكلية .

أفرد المؤلف لشخصية التهامي الوزاني ما يفوق ثمان صفحات كتعريف له كشخصية علمية تركت بصمتها على المدينة وساكنتها، بينما لم يخصص للعميد المرحوم ” محمد حدو أمزيان ” إلا أربعة أسطر يتيمة  لا تقدم ولا تؤخر شيئا عن هذه الشخصية الفذة المناضلة التي يكن لها الجميع كل الحب والتقدير والاحترام ، الذي قضى ما يناهز اثنان وعشرون سنة في عمادة الكلية ، وهذه الشخصية عرفت بنضالها في فترة الاستعمار وبمساهمتها في العمل السياسي بعد الاستقلال ولا ينكر هذا إلا جاحد أو غيور، إن صاحبنا اختصر فترة رئاسة المرحوم محمد حدو أمزيان للكلية في أربعة أسطر ضانا منه وعن قصد منه أنه بإمكانه إيهام القارئ تهميش دور هذا العلامة وما قام به من أجل هذه الكلية ، ويمكن اعتبار هذا مجانبة الحقيقة وتزييف لها يجب محاسبته عليها.    

إن الجميع يعرف ويعلم علم اليقين أن العميد الثاني هو الباني والمؤسس الحقيقي للكلية فلم تكن في بدايتها سوى مجرد بناية قديمة عبارة عن ثكنة عسكرية على عهد الحماية وفي عهده أصبحت تتوفر على بناية تليق  باسم كلية أصول الدين كمؤسسة دينية حديثة تتوفر على كل المرافق الضرورية للقيام بواجبها ودورها في محيطها سواء على الصعيد المحلى أو الوطني ، حيث عرفت انفتاحا كبيرا على كل التيارات وصل إشعاعها إلى مختلف المناطق الوطنية  بعد أن كانت غير معروفة حتى على صعيد المدينة.     
 
في فترة العمادة الثانية أصبحت الكلية مؤسسة جامعية بكل المقاييس سواء من حيث التأطير التربوي أو الإداري أو من حيث الإشعاع الثقافي ، فساهمت هذه المؤسسة في الحقل الديني مساهمة كبيرة وأصبحت محل ومقر عقد الندوات وإقامة الأسابيع الثقافية  بشراكة مع طلبتها الذين كانوا عنصرا فعالا داخل حرم الكلية .   
إن اختصار اثنان وعشرون سنة من العمل من عمر الكلية وشخصية من عيار – الشيخ محمد حدو أمزيان – في أربعة أسطر ينم عن حقد دفين وحسد كبير ، لا يمكن بأي حال من الأحوال قبوله أو التغاضي عنه .    
      
تأتي بعد ذلك فترة ترأسه الكلية حيث يهلل ويطبل لمرحلة إشرافه عليها إذ من خلال الكتاب الذي نتكلم عنه يرى أنها استوت على عرش مريح ، ناسيا أو متناسيا ما آلت إليه الكلية في عهده من تدهور وتقهقر حتى أضحى اسم كلية أصول الدين في مفهوم ساكنة المدينة يساوي ويوازي الزبونية والمحسوبية والظلم والاستبداد واستغلال النفوذ حيث انمحت كل الأنشطة الثقافية والرياضية وابتعد الطلبة عن كل نشاط عرفوا به مما خيم على الكلية للأسف الشديد جو من الكآبة والإرهاب الفكري والقهر والتسلط وقطع الأرزاق وفرض سياسة الأمر الواقع كأننا نعيش في عصر الظلمات باتباع سياسة بذل التعويضات لزبانيته وشراء ذممهم ، وتكريس الواقع المر الذي فرض رغم أنف الجميع مع بعض الاستثناءات.    
 
والخطير في الكتاب اتهام السادة الأساتذة بالإرهاب ، فحسب رأيه أنه لما أتى كعميد كان الإرهاب مستشريا في الكلية الأمر الذي قضى عليه حسب ادعاء سيادته المحترمة ، وتعود هذه الظاهرة للظهور من جديد بعد عقدين من الزمن لما تمت إحالته على بيته والاستغناء عن خدماته والذي لن يندم على رحيله أحد .
ترى ما هو تعريفه للإرهاب ؟ وعن أي إرهاب يتكلم ؟ وهل مخالفته الرأي يعتبر إرهابـا ؟    
اتهام خطير من هذا النوع له تبعات ما بعده تبعات ، وعلى السلطات المعنية الإسراع بالتحقيق معه في اتهام الغير بالإرهاب خاصة وأن هذا الأمر خطير للغاية  سيما إن كان يملك ويمتلك فعلا دليل اتهام الغير بالإرهاب ، أمر كهذا لا يجب على السلطات التستر عليه في ظل قانون الإرهاب الذي يحاكم به العديد من المغاربة ولا يجب السكوت عنه بأي حال من الأحوال لتبرئة ذمم الغير واحترام   كرامة الأساتذة وعدم تمريغها في الوحل لمجرد الاختلاف في الرأي.    
              
سيادته وزع هذا الكتاب على كل مسؤولي المدينة بالمجان دون حسيب أو رقيب ، وسيادته طبع هذا الكتاب على نفقة ميزانية الكلية مما يتوجب إحالته على المجلس الأعلى للحسابات ليقول كلمته في تبديد ميزانية الكلية والذي هو بالضرورة المال العام أم أن العميد له حرية التصرف بكل حرية في مالية الكلية دون حسيب أو رقيب واستثنائه من المساءلة.  
نقطة أخرى يجب الوقوف عندها وهي الفقرة الطويلة التي حشرها السيد العميد من غير فائدة في الكتاب والمتعلقة بجرد لبحوث السلك الثالث والدكتوراه والماستير، وهذا عمل من إنجاز موظفة بالكلية لم يكلف نفسه عناء الإشارة إلى اسمها احتراما لأدبيات البحث والكتابة والنقل عن الآخر وكأننا به يقول أنا الكل في الكل.     
   
السيد العميد زين إحدى صفحات كتابه بصورة له مع موظفين جدد التحقوا مؤخرا بالكلية على إثر عملية مباراة وانتقاء ، هذه العملية التي شابها الميز والحيف والمحسوبية ، إذ لكل موظف جديد أو موظفة جديدة تم قبوله أو قبولها له معه أو معها قصة خاصة ليس هنا مجال حكايتها وسنكتفي بمثال واحد ، حيث أن السيد العميد بحكم علاقة ابنه مع أحد الأشخاص وإرضاء لرغبة ابنه وظـف خطيبة صديقه كمتصرفة بالكلية ولعمري هذه قمة المحسوبية والزبونية التي سبقت الإشارة إليها قبل قليل والتي أصبحت سياسة متبعة من طرف سيادته سواء في توظيف الأطر التربوية أو الإدارية  منذ تم تقليده مسؤولية تسيير الكلية.   
       
إن إدراج صورة العميد مع الموظفين الجدد ونعتهم بالأطر الكفأة أثار حفيظة الموظفين القدامى – حسب مصادرنا الخاصة – الذين حملوا وما زالوا يحملون عبء مسؤولية تسيير المؤسسة دون أن يحضوا ولو بكلمة تقدير في حقهم ، ناسيا أو متناسيا أن هؤلاء القادمين الجدد لا يمارسون أي عمل رسمي لغاية كتابة هذه الأسطر .   

وعموما وفي ختام هذه الكلمة وعبر هذه القراءة العابرة والسريعة لكتاب السيد العميد نتأسف أن يكون فكر مثل هؤلاء المثقفين انتقائيا وسلبيا لهذه الدرجة ، والواقع وبصراحة فالكتاب لا يستحق القراءة للاعتبارات السالفة الذكر، أضف إلى ذلك أن قراءته في واقع الأمر ما هي إلا مضيعة للوقت ، ومساهمة في التزوير بصفة أو بأخرى لحقائق ثابتة بالدليل والبرهان  .       
 
 
م خ، لبريس تطوان
 
 


شاهد أيضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.