إسطيطيقية الأرابيسكات الثلاث - بريس تطوان - أخبار تطوان

إسطيطيقية الأرابيسكات الثلاث

إسطيطيقية الأرابيسكات الثلاث
سنتناول في بحثنا العناصر الأساسية للزخرفة العربية الإسلامية التي تكمن في ثلاثة أصناف: 1)التوريق2)التسطير3)الحرفسنتكلم عن كل واحدة بحدة ، لكننا سنتناول البحث من منظور جديد بعيد عن التداول الروتيني الذي تداوله بعض الباحثين في الزخرفة العربية الإسلامية بدلالتها المعروفة و إنما سوف أتداوله بطريقة مخالفة جدا ربما ستكون جديدة و لأول مرة و هي إسطيطيقية الأرابيسكات الثلاث في التأليف الموسيقي الأكاديمية. إنها أعمال موسيقية أكاديمية ألفها الكومبوزيطور الراحل العربي المغربي العالمي مصطفى عائشة الرحماني للقيثارة الكلاسيكية. هذه المؤلفات أخذت شهرة عالمية في عالم الموسيقى خصوصا القيثارة الكلاسيكية.
كتب المؤلف الموسيقي هذه الأعمال في سنة 1985 من أجل المشاركة في المباراة العالمية للقيثارة بفرنسا ، بما أنني عازف القيثارة و تلميذه قررت أن أشتغل  عليها حتى أتمكن من دراستها من حيث التقنية و الأداء و في الأخير أقدمها لهذه المباراة تأليفا و ليس أداء ، لأن شروط المباراة تطلب من المؤلف أن يقدمها مسجلة على شريط مغناطيسي، هكذا تم تسجيلها فبعثها مصطفى عائشة الرحماني للمشاركة، نالت إعجاب كبار الموسيقيين هنالك. و في سنة 1996 سجلتها على شريط كاسيت مع مجموعة من الأعمال الجديدة لنفس المؤلف لتواجه مسامع المتلقي ، ثم أعدت تسجيلها على قرص الليزر سنة 2006 .العمل الأول هو التوريق و الثاني التسطير و الثالث الحرف العربي.
نظرة عن مفهوم الزخرفة العربية  كثير من العامة لا يهتمون بهذا الفن الجميل الرائع، ربما يجهلون عنه الكثير، فسوف أوضح و لو قليلا تاريخ الزخرفة العربية لتكون ذات اهتمام و تقدير في ذهن و أعين القارئ العربي. فالزخرفة العربية لها تاريخ عريق في المجد أخذت بذورها من البلدان المجاورة (رحلة الشتاء و الصيف ليعبدوا رب هذا البيت…)(1) خصوصا من بلاد الهند و فارس و الشام و العراق و اليمن و مصر حتى أن وصلت إلى بلاد الأندلس و المغرب الأقصى.
أطلق المستشرقون هذا النوع من الفن العربي الإسلامي اسم “أرابيسك” بالفرنسية و “التوريق” بالإسبانية، من هذا المنطلق انتشرت و توسعت الإبداعات الفنية في هذا المجال. كثيرا من الباحثين الأجانب بحثوا في مضمار الزخرفة العربية الإسلامية العجيبة ما أنتجت مخيلة المبدع و الفنان العربي و ربما حتى الأجنبي أروع التحف في الزخرفة العربية الإسلامية ، حين تكلمت الباحثة الأمريكية “إ. أتيل” في كتابها ( الفن في العالم) بأن الثقافة العربية سبقت الإسلام (2). و يرى الأستاذ الباحث “ر. إيتنهاوزن” أن العرب لهم تاريخ عريض في الحضارة.(3).
نعلم جيدا أن العرب بلغوا إلى أوج قمة الحضارة في ظل التوسع و الفتوحات الإسلامية في شتى الميادين العلمية و الفنية و الفلسفية و الفلكية و الرياضية و الطبية و غيرها. مما نجد عددا كبيرا من مجلدات و كتب و بحوث كتبتها أقلام مفكرين و باحثين غربيين كمصادر للباحثين الذين يتابعون مسيرتهم العلمية في هذا الفن الجميل.
كتبوا في فلسفة و تاريخ الفن مثل: “غاييت” و “مارسي” و “كريزويل” مما أكدوا أن هذا الفن ورث مظاهر الفنون التي كانت سائدة آنذاك في الشام منها ” البيزنطية و الساسانية(4).  فالزخرفة العربية لها مدلولا فنيا واسعا و خيالا متفتحا و تصورا جميلا. فكلمة ‘العربية’ نسبة إلى عربي و معناها باللهجات القديمة “الأكادية و العمورية”  بالإنسان البدوي (5). كما جاءت في مدونات وثائق تاريخية آشورية :” أن الملك شلمنصر الثالث هزم جندبو العربي سنة 853ق.م.”
لما قامت الدولة الأموية في دمشق 661 / 750 م ، و الدولة العباسية في بغداد 750 / 1258 م ، إنها بداية انطلاقات التوسعات و الفتوحات الإسلامية متخطية بلاد العرب نحو الشام و العراق و فارس و الساسانيين و أرمينية و القوقاز حتى حدود الهند و من جهة أخرى وصلت الفتوحات إلى مصر و ليبيا ، و في سنة 712 دخلت الجيوش العربية إلى أسبانيا و جنوب فرنسا ، في الحين أصبحت رقعة الإسلام ممتدة من بلاد كشمير إلى إسبانيا، ما جعل العرب يستفيدون من هذه الحضارات التي كانت متواجدة على هذه الأرض(6).
و الدليل على ذلك ما زال قائما إلى يومنا هذا في المعالم التاريخية الموجودة في الشام و العراق بطابع ساساني و بيزنطي نتيجة تطور الفن الرافدي: كالمسجد الكبير بدمشق، و المسجد سامراء بالعراق. هكذا بدأت الزخرفة العربية تتبلور و تتبوأ مكانتها في التطور و التوسع إلى بلدان أخرى في الغرب الإسلامي ، في سنة 756 م هو عصر ازدهار الفن العربي بالأندلس و المغرب الأقصى : كمسجد قرطبة في عهد الأمويين و جامع القرويين في عهد المرابطين، و صومعة “لاخيرالدا” باشبيلية و جامع الكتبية بمراكش في عهد الموحدين.
تتجلى الأرابيسكات في أشكال هندسية (التسطير) و في أشكال نباتية (التوريق) و في أشكال خطية (الحرف). هذه الأشكال تكون مرقشة و مزركشة و منقوشة و مخطوطة و مرسومة  إما على القماش أو الخشب أو الجبس أو السيراميك أو الرخام أو الخزف أو الزجاج أو غيرها…الشيء البديع الذي يعطي جمالا و بهاء للناظر ، أحيانا يقوم الفنان المبدع بتجسيد العناصر الثلاثة في لوحة واحدة بألوان مزخرفة توحي بالانفتاح النفسي لدقة التشابك التسطيري و التوريقي و الحرفي في آن واحد.الأرابيسكات الثلاث للقيثارة مصنف 210 : مصطفى عائشة الرحماني
هنا سأقوم بتحليل هذه المعزوفات الثلاث كل واحدة على حدة من حيث التفسير و التعبير الفني و الإيسطيطيقي و التقني في مضمون آلة القيثارة.إذا تمعنا جيدا و ركزنا بدقة على شكل القيثارة يتبين لنا جسد امرأة عارية غاية في الجمال المورفولوجي و الأناطومي مركبة تركيبا حميما تنجذب لها الأبصار لأول نظرة ، إنها فينوس العارية في عالم الجمال، بعيدة عن إثارة شهوة النفس إنما التمتع بالحس الجمالي و الفني الشفاف داخل المشاعر الرهيفة. القيثارة تنتمي إلى العنصر الثاني من الأرابيسكات أي التسطير أشكال هندسية في قوس حدوية و نصف قوس دائرية و متموجة و أشكال عمودية و دائرة ، فالصانع يتميز بحس رهيف و دقيق في الإتقان .
1)التوريق
وصف المؤلف الموسيقي مصطفى عائشة التوريق معبرا بأنغام موسيقية تنبثق من أوتار القيثارة و هي عبارة عن زخرفة أوراق نباتية في عناقيد عنبية يانعة مسندة على أوراق الكروم في لوحة فسيفسائية رائعة، تناسق اللون الأخضر الذي يمثل الأوراق و الأسود الذي يمثل عناقيد العنب الناضجة. فعبر باستعمال نوتات موسيقية على أشكال شاذة من ثلاثية الأسنان بانتظام إيقاعي متماشيا بالنظام اللحني على اللامقامية (أطونالية) ببداية حركة  هادئة تندرج إلى أصوات توافقية قوية في الحين تتحرك سرعة المعزوفة إلى حركة معتدلة غاية في العذوبة تنقر الأوتار منخفضة خافتة الصوت الشيء الذي يعبر عن ظلال الأوراق بتناغم صوتي باستعمال تقنية (بيزيكاطو) أي الصوت المخنوق على أوتار القيثارة هذا يتجلى في مقدرة العازف لإبراز هذا المقطع الموسيقي المعبر بتسلسل سلس و مرن و معبر في شعور المتلقي، لكن فجأة ينتقل بنا المؤلف الموسيقي إلى أصوات توافقية (مركبات صوتية) قوية و عنيفة معبرة عن انفعالاته النفسية التي تقرأ اللوحة الفسيفساية طولا و عرضا و أفقيا بتخيلات واسعة نحو سهول فلاحة الكروم المنتشرة على مساحات شاسعة و عريضة، و لا ننسى جانب المذاق لطعم العنب بين الحلو و الحامض أنها حالة سيكولوجية حينما تتحرك الغدد اللعابية فتفرز سيلان اللعاب في الفم ، من الطبيعي يشتهي الإنسان مذاق العنب.
مصطفى عائشة إنسان متذوق للفنون و محب للطبيعة و شغوف على القراءة دائما ترى في جيب سترته كتيب الجيب، إما موسيقيا أو أدبيا أو فلسفيا أو… كنا نتحاور في مناقشة مواضيع من هذا الشكل فنخر إلى نتيجة متفائلة رائعة في غالب الأحيان يصغها عملا موسيقيا مثل “سيمفونية عاشوراء” أو “بالي عيشة قنديشة” أو “أوبرا قدور و قنديشة” …وأخيرا استطرد المؤلف الموسيقي نهاية معزوفة التوريق في ميلودية كروماتيكية ختامية وصولا إلى توافق مشدد قوي مع زفرة ثم الختام بمركب صوتي يوحي بقطف عنقود من العنب الحلو.2)التسطير
هنا دخل المؤلف الموسيقي مصطفى عائشة إلى عالم الأشكال الهندسية المتنوعة ، يحكي  زيارته لقصر الحمراء بغرناطة و مسجد قرطبة و لا خيرالدا بإشبيلية ، انبهر مصطفى عائشة ما تركه الفن المعماري العربي الإسلامي بالأندلس من زخرفة أنيقة فاندمج خياله بالأشكال الهندسية الرائعة التي تتجلى في مسدسات و مثمنات و مخمسات و دوائر و أقواس و محدبات و مثلثات و مربعات و معينات و غيرها من الأشكال كلها متشابكة مع بعضها البعض بدقة الصانع المبدع و روعة المجسدات المرقشة و المنقوشة و المخرمة و المنمنمة على جدران هذه المعالم التاريخية التي خلدها الفن العربي الإسلامي في حلة أرابيسكات لا مثيل لها و كذلك في بهو الأسود و مسجد قرطبة من أقواس مزركشة و محكمة دقة المهندس الأرابيسكي و كذا صومعة لاخيرالدا الإشبيلية من اشكال مرقشة و منقوشة ، كل هذا ينتمي إلى العنصر الثاني التسطير عبارة عن القلم و المسطرة و البر كار .
تناول هنا مصطفى عائشة شكل المثمن و المخمس و المسدس عبر عنهم بنوتات تجريدية اللحن بحركة معتدلة على وزن 9/8 ثم استعمل نغمتين قصيرتين مخنوقتين مما أعطت لونا خافتا في تشابك المثمنات مع بعضها حيث يواجهها مسدس تخريمي من زاوية أخرى بتعبير عنه بلحن مولد من خليتين مودوليتين متفاعلتين توليدية في انسياق نحو إيقاع متوازن الشكل  النمطي في اتجاه هندسة خماسية مرصعة بميزان 7/8  بجانب زاوية معاكسة للمثمن ، يكاد البصر أن يصل إلى مشهد آخر على نفس السياق عبر عنه المؤلف بفقرة لحنية في اتجاه صعودي باستعمال السلم الملون الموسيقي “كروماتيكي”  بتغير الوزن في 6/8 .
ومن أجمل التعبير عن الأشكال الهندسية المرصعة في صومعة “لاخيرالدا” الإشبيلية واحدة تلو الأخرى عبر عنها مصطفى عائشة بتوافق صوتية منفعلة باستعمال ذراع القيثارة من الخانة الأولى إلى الخانة الثامنة بتقنية العارضة المتفرقة صعودية و نزولية مع الحفاظ على توازن اللحن و الإيقاع بزخرفة في الأصوات السفلى فيعود بحساسية شفافة إلى الجمال ألزخرفي بداخل هذه الأشكال الهندسية من مثلثات و مربعات و مثمنات و مخمسات و مسدسات متداخلة ببعضها بما تعطي رونقا رائعا لتبهر أعين الناظر شيئا فشيئا يعود بنا المؤلف الموسيقي إلى الإحساس الروحي لننفعل مع هذه الأنغام و نتذوقها بحس جمالي مرهف يؤدي بنا نحو جمالية الفن العربي الإسلامي بالأندلس. تعامل مصطفى عائشة مع هذه الجملة الموسيقية بتلوينها بتقنية (سول تاسطو)  على القيثارة أي فوق ذراع القيثارة التي تعطي صوتا متميزا خاصا معبرا عن الهدوء و السكينة رغم الانفعالات الصاخبة التي مررنا بها. هنا تتجلى عبقرية المؤلف الموسيقي كيف يسيطر على جهازنا العصبي باستعمال عقلنا متحكمين في عواطفنا.
و قبل أن يختم المؤلف عملة الموسيقي استعمل مركبات صوتية متكررة تندرج صعوديا في السلم الكروماتيكي بصوت خافت إلى صوت قوي ثم يفاجئ المستمع برنة زجاجية بتوافق صوتي حنيني ينهي كل الخطوط التسطيرية و يدغمها في صورة واحدة كتليسكوبية.3)الحرف
قسم علماء الأنتروبولوجيا الجنس البشري إلى ثلاثة أصناف :*الجنس السامي*الجنس الحامي*الجنس الآري أو اليافثيلكن حاليا أصبح هذا التقسيم يصنف في التمييز بين اللغات القديمة فقط. في عام 1948 وجد العالم الفرنسي “شيفير” بالقرب من اللاذقية لوحة حجرية عليها 30 شكلا تعد كالحروف الهجائية المسمارية. و في سنة 1922 عثر عالم آخر “مونتيت” على أبجدية بمدينة بيبلوس على الساحل السوري بمنطقة كنعان ـ و هي منقوشة على ضريح ملك أحيرام الثالث تعتبر حتى الآن الحروف الأبجدية الأولى للعربية.
هناك تفاوت في الحروف و الكتابة القديمة العربية كما ميزها الأركيولوجيون و النتروبولوجيون  إلى كتابات أقوام عاشت في الك الفترة الزمنية و قسموها إلى اقسام حسب البيئة و الموقع الجغرافي ، اتفق “ليتمان” و “ستاركي” على أن كتابة أم الجمال (الشام) ترجع إلى القرن الثالث الميلادي. قد اكتشف “دوسو” على قبر امرؤ القيس بن عمرو أمير الشعراء في الجاهلية سنة 223 م ، كتابة النمارة (حوران). أما سافينياك و هورسفيلد عثرا على كتابة أخرى تسمى معبد رم (العقبة).
و أول من تكلم عن جمالية الخط العربي هو أبو حيان التوحيدي الذي كان خطاطا ماهرا للخط الكوفي في ذلك الوقت ، فصنفه في الأصناف التالية: الشامي، العراقي، الإسماعيلي، البغدادي العباسي،الريحاني، المصري الأندلسي.
فوضع أبو حيان شروط الخط الجميل فيقول:” الكاتب يحتاج إلى سبعة معان: الخط المجرد بالتحقيق تكون الحروف منشورة مفصلة و موصلة بالمدة و التقصير منفرجة و معوجة ،و المحلي بالتحديق تكون الحاء و الخاء و الجيم مفرغة وسطها ،و المجمل بالتحويق تكون مصدرة و موسطة و مذنبة، و المزين بالتخريق تفتيح وجوه الهاء و العين و الغين، و المحسن بالتشقيق تكنف الصاد و الضاد و الطاء و الكاف، و المجاد بالتدقيق تحدد الحروف بإرسال اليد و اعتمال سن القلم، و المميز بالتفريق حفظ الحروف مزاحمة و ملابسة أول منها لآخر. “(7)
هنا تفنن مصطفى عائشة في زخرف الحرف العربي الإسلامي و هو العنصر الثالث للعمل الموسيقي الرائع استعمل فيه النغمة العربية لمقام الحجاز الكبير الذي يدل على مصدر النغمة الشرقية العربية بنى عليه لحنا رائعا يوحي للمستمع امتداد الحروف في النصوص المزخرفة على حافة الفسيفساء بجدران المعالم التاريخية من مساجد و قصور و دور و غيرها خصوصا عندما يجر العازف أصبعه على الوتر في انزلا قات لحنية متذبذبة بنوتات زخرفيه تعبر عن الحروف المرقشة و المزركشة و المنقوشة.المؤلف يعبر عن تلك الأرابيسكات الحرفية في قصر الحمراء بغرناطة المنقوشة بالخط المغربي الأندلسي و هي عبارات التمجيد ، حيث عبر عنه المؤلف بلحن موسع تعبيري يوحي بالهدوء و السكينة لقراءة الحروف  و العبارات الممتدة على الجدار،  بنغمات شفافة تؤديها القيثارة على شكل محاكاة لآلة “الهارب” كأنها تلك الحروف تسيل على الجدار واحدة تلو الأخرى .
فينتقل بنا إلى عالم الزخرفة الحرفية الملونة يبرز كل لون على حدة في الحروف للآية الكريمة ” إن تنصروا لها ينصركم ” ، “ولا غالب إلا الله” رمز لهذين العبارتين بالأصوات السفلى التي تؤديها القيثارة في لحن تعبيري جميل ثم يصعد شيئا فشيئا ليصل إلى أعلى الأصوات في الطبقة الحادة فتتموج الأنغام في اتجاهات نزولية و صعودية و هكذا مما نجم عن ذلك تقنية قصوى بالنسبة للعازف الذي يفسر كل هذه الصور اللحنية المعقدة ذات مسامع عذبة و جميلة تستحسنها الأذن البشرية لما تحتويها من أبعاد ميلودية مرصعة بأصوات هرمونية متسلسلة ، ينتهي المؤلف نوتات حميمية أنيقة رقيقة تختم الفكرة الأساسية للعمل الثالث الذي يكمن في معزوفة الحر كالعنصر الثالث في الأرابيسكات الثلاث.
و من جهة أخرى إذا تمعنا جيدا في إنصاتنا عدة مرات لهذا العمل الفريد من نوعه نكتشف كل مرة صورة إيسطيطيقية جديدة تزيد من إثراء حسنا و تهذيب مشاعرنا و تنظيم أفكارنا. فالنوع من هذه الموسيقى تتطلب كثيرا من التركيز. و بصفتي عازف هذه الأعمال الموسيقية و أدائها على القيثارة الكلاسيكية ـ سهرت كثيرا على التدريب اليومي و البحث في أعماق مناهج التقنيات الحديثة لكي أتوصل إلى طابعها الأصلي و أفسرها للمتلقي تفسيرا مقنعا لينسجم مع كل أنغامها و جمل ألحانها. حتى يتمكن أن يفهم الأرابيسكات الثلاث موسيقيا و ليس تشكيليا فقط بل يستعمل سمعه بدل بصره ليتمكن أن يستوعب الأفكار الأساسية المعبرة عن كل شكل هندسي أو نوع نباتي أو حرف كتابي.
في النهاية أتمنى أن أكون عند حسن ظن القارئ الذي يريد أن يستفيد من عرض جديد يختلف كل الاختلافات عن العروض التي تكون متداولة و تعاد في صيغ أخرى ، فموضوعنا هذا مختلف جدا، يشتمل على تحليلات ميدانية متخصصة في العلوم الموسيقية لكن سنضعها في متناول كل قارئ بلغة سلسة مرنة غير معقدة إنها لغة الأصوات الجميلة مفسرة بلغة تقنية و ليست أدبية صرفة.الهوامش
1) E. Atil :Art of the arab, Washington DC 19752) R. Ettinghausen : La peinture arabe.Skira, 19694) G. Marçais : L’art islam, 19625) د. عفيف بهنسي: جماليات الفن العربي6) نفس المصدر7) علم الجمال عند أبي حيان التوحيدي: بغداد 1970المراجع1)جمالية الفن العربي: د. عفيف بهنسي، عالم المعرفة  14 / 1979 الكويت Historia del arte y de la cultura : Julian Alvarez Villar 1966 Leon (2Historia del Arte y de la cultura : V. Sainz Conde y J. Arenaza Lasagabaster 1966 Madrid (3Unidades Didacticas : E. Ramos, A. Alvarez ; C. Herrero 1967 Valladolid (4

 


شاهد أيضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.