حرب الطرق... !! - بريس تطوان - أخبار تطوان

حرب الطرق… !!

حرب الطرق… !!

آلاف المغاربة بين قتيل وجريح تسيل دماؤهم كل عام على هامش الطرقات في أنحاء المملكة ، أي حوالي المئات من المغاربة يموتون كل يوم ، كما لو كنا في حالة حرب ، فضلا عن المليارات من الدراهم التي تخسر ، جراء هذه الحرب المعلنة على أرواحنا وأنفسنا ، إنها كارثة مأساوية بكل معنى الكلمة ، ولا بد من وضع نهاية وحد فوري لها .
فما من أحد منا وإلا ويشعر بالخوف على حياته وحياة أهل بيته ، كلما غادر بيته كل صباح ، ففي كل خطوة على الطريق تتربص كمائن الخطر والقضاء على الحياة ، لا فرق في ذلك بين صغير وكبير غني أو فقير ..فالكل مستهدف ، أليست هذه حرب شعواء حمقاء . !! الم تر من قبل أن أقواما أعلنوا الحرب على أنفسهم مثلما ما أعلنها المغاربة … ! إنها مأساة حقا..
إن جميع طرقنا سواء خارج المدن أو داخلها تعاني فوضى ضارية لا مثيل لها في أي بلد من بلدان العالم ، فالاستهتار واللامبالاة والتسيب وإهدار آدمية الانسان مع سبق الاصرار والترصد ..مع هذا الوضع أصبح الانسان يخشى على نفسه وهو يمشي على أرصفة الشوارع داخل المدن ، من أن يصاب بأذى من أولئك المتهورين الذين يجوبون شوارع المدن وخاصة أمام المدارس والمعاهد والجامعات بدون رقيب أو حسيب…
إذن ما ذا نقول لهؤلاء المستهترين والمتهورين الذين يقودون سياراتهم بسرعة مجنونة على الطرق السريعة ، دون أن يتصدى لهم أحد ، وتركهم يقتلون الآخرين والاكتفاء فقط بتسجيل أرقام السيارات من أجل دفع ثمن معين ، إن دفعوه .. !! وإلا فإن الرشوة باتت دواء لكل داء ..؟؟
بما ذا نعلل وقوف السيارات والحافلات في غير الأماكن المخصص لها ؟ وكيف نفهم عدم احترام إشارات المرور ، وعدم احترام المارة…؟ لما ذا حياتنا رخيصة إلى هذه الدرجة ، ولما ذا أدميتنا غير معتبرة ؟
إنني وإذ أكتب هذا المقال ، لا أتهم أحدا ، ولا أريد أن أتهم أحدا ، فالتهمة تقع على الجميع ، لسكوتنا عن الاهمال ، كلنا متواطئون في جرائم قتل أنفسنا وأرواحنا ، وليس لنا أي عذر في ذلك على الاطلاق ، إذن لما ذا يقع هذا كله ولدينا عقول جبارة قادرة على حل هذه المشاكل ، ولدينا مسؤولون عاشوا في الخارج وشاهدوا هناك ، كيف تحترم أدمية الانسان ، وكيف تحترم الطرقات ونظام الاشارات ..ما ذا ينقصنا !! أولسنا بشرا مثلهم ، أم أننا حتما ننتمي إلى عالم الفوضى والعبثية والاستهتار…؟
هل يعقل أن الهند ، وهي من البلاد المتأخرة ، بدأت تشهد نموا وتطورا حضاريا وثقافيا وذوقيا وجماليا لا مثيل له ، إذ أنها بدأت تفرض غرامات على مجرد البصق في الطرق والممرات ، وهذه الاخلاقيات الجمالية الذوقية ” للطريق ” لا يمكن لأي أمة تنشد التقدم والرقي أن تعيش بدونها ، فهي الوجه الذي تقدم به نفسها إلى الآخر والعالم…فكيف يحسن بنا أن نتقدم ونحن بعيدين كل البعد عن أخلاقيات الجمال والذوق الرفيع والطرق النظيفة ، أينما اتجهت إلا وتجد رائحة منبعثة تكرهك على الجري والابتعاد على الطريق.
إنني أدعو إلى أن نبدأ حملة قومية شعارها ” الحفاظ على الحياة ”  وذلك وفق خطة علمية مدروسة ، تستغرق مدة معينة ، أثناء هذه المدة نقوم برقابة شاملة لكل الحالات ، ليس فقط من طرف الشرطة بل من كل المواطنين ، فأي واحد منا يجب أن يعلن عن أي خلل يقع في الطرقات والأزقة المظلمة والشوارع المحفورة… وفق هذا نتبنى ثقافة الحفاظ على الحياة / الطريق ، كمبدأ في الحياة ، وذلك عبر التربية والحملات الاعلامية المكثفة ، وتوعية الأسر بكل هذا ، أكثر من ذلك يجب أن تقرر كمادة في المدارس ، لكي نستطيع في المستقبل أن نبني حضارة متقدمة تتبنى ثقافة الحفاظ على الحياة ، وتزدري ثقافة الاستهانة والعبثية.
إننا جميعا بلا شك نطمح إلى بناء مغرب متقدم ، وليس هناك من لا يتمنى ذلك ، لكن ليس كل شيء يتحقق بالأماني ، فالأمنيات لا تبني مسكنا ولا تأوي ساكنا ، والنيات لا تكفي بدون عمل مجد ومستمر ، ولهذا وجب علينا جميعا أن نحارب هذه الثقافة المنتشرة التي بادت الجميع وأكلت الأخضر واليابس ، وفي المقابل نتبنى ثقافة أخرى وفق الاقتراح الذي بينته آنفا ، أو أي خطة أخرى ، المهم هو أن نعمل معا من أجل فرض ثقافة السلم الطرقية ، وثقافة الحفاظ على الحياة ، واحترام أدمية الانسان ، أولسنا قادرين على هذا إن أحسنا نيتنا وبدانا العمل فورا…؟؟؟

الباحث : لحسن بتغراصا
ماستر : فلسفة التواصل _ تطوان


شاهد أيضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.