تحقيق حول الهجرة الموسمية الداخلية إلى حقول القنب الهندي بالشمال - بريس تطوان - أخبار تطوان

تحقيق حول الهجرة الموسمية الداخلية إلى حقول القنب الهندي بالشمال

تحقيق حول الهجرة الموسمية الداخلية إلى حقول القنب الهندي بالشمال

 

يستيقظ محمد خ. كل يوم في سابعة صباحا، يأخذ أعوادا مصنوعة من الخشب و يبدأ في تكسير و تفتيت القنب الهندي بشكل متواصل. ضربات متتالية، قوية ودقيقة ينتج عنها صدور أصوات عالية ناتجة عن إسقاط و فصل مادة الحشيش عن النبتة الأصل  نبتة القنب الهندي،  وهي آخر مرحلة يمر منها القنب الهندي أو “الكيف” كما يصطلح عليه محليا، منذ زراعته إلى عملية تفتيته وتحويله إلى حشيش مرحلة طبيسلة .

 

 انتقال محمد من مدينته “أزرو” بحثا عن العمل في أحد الدواوير النائية ” بدائرة باب برد”، الواقعة بشمال المغرب  والتابعة لإقليم شفشاون، كان بدافع إيجاد عمل في فلاحة القنب الهندي،  آملا في أن  يحصل على أجرة أفضل من عمله السابق، رغم كل تخوفاته وهواجسه من هذه المهنة، أهمها التخوفات الأمنية والمشاكل الصحية. قصة محمد هذه، هي واحدة من القصص الكثيرة التي تعج بها ” دائرة باب برد “، وخاصة في قلب مركزها الحضري (حيث أجري هذا التحقيق). يصطف العمال هنا في طابور طويل في انتظار من يشغلهم في مختلف أعمال فلاحة القنب الهندي، وهو العمل الوحيد الذي من الممكن أن تجده في هذه المنطقة. عمل يَعرف في السنوات الأخيرة إقبالا كبيرا من المغاربة خاصة خلال مراحل الزراعة، الحصاد، الصناعة و الإنتاج.

هنا في هذه المنطقة، عادة ما يشترك الرجال، الأطفال  والنساء في مختلف عمليات فلاحة الكيف، وإذا لم تكف اليد العاملة الأسرية لهذه الزراعة، تلجأ غالبية الأسر إلى طلب وتشغيل اليد العاملة الخارجية، التي تأتي من كل حد و صوب، من غرب المملكة، شرقها و جنوبها بحثا عن عمل في هذه الفلاحة.
يتمركز العمال عادة بالمركز الحضري “باب برد”، في انتظار الأسر المعروفة بزراعة القنب الهندي لكي تأخذهم للعمل في محصولهم الفلاحي. يقوم هؤلاء العمال عادة بمجموعة من المهام الداخلية والخارجية التي يتطلبها القنب الهندي  بدءا من عملية الحرث، إلى عملية التحويل إلى حشيش (طبيسلة) . هذه اليد العاملة يمكن لها كذلك أن تشتغل في أعمال أخرى كحفر الآبار لسقي وري  نبتة الكيف، كما يمكنها أن تقوم بتسوية الأراضي لجعلها صالحة للزراعة.

نشير إلى أن “مكتب الأمم المتحدة لمحاربة المخدرات والجريمة “، كان قد أشار في تقريره لسنة 2004،  المعنون ب ” تحقيق حول المخدرات بالمغرب (2004) “، إلى أن عدد المهاجرين الموسمين إلى المناطق المعروفة بزراعة القنب الهندي يقدر بنحو 66 000  عامل مهاجر سنويا. و تجدر الإشارة كذلك إلى أن تطور زراعة هذه النبتة بالمنطقة واستيراد أنواع جديدة من بذور القنب الهندي من البلدان الخارجية، أمر تطلب من المزارعين موارد بشرية  و مادية أكثر من القنب الهندي المغربي التقليدي.  

نخص هذا التحقيق لمعرفة أسباب و دواعي الهجرة الداخلية الموسمية إلى بلاد الكيف من طرف عدد كبير من العمال المغاربة، الذين يتوافدون على هذه المنطقة من كل أنحاء المغرب خلال موسم الفلاحة.  ننطلق من فرضية واحدة، حيث نتوقع بأن يكون سبب إقبال اليد العاملة هو نتيجة ارتفاع الأجور مقارنة مع باقي الأعمال الأخرى التي يزاولونها في مدنهم الأصلية  رغم الطابع غير القانوني لهذه المهنة. نتساءل هنا، عن دوافع هذه الفئة من العمال للعمل في حقول الكيف ؟ من أي مدن جاؤوا (المدن الأصلية / مدن الانطلاق) ؟ ما هي ظروف عملهم ؟  كيف لمنطقة تعتبر الأقل تنمية على الصعيد الوطني والأكثر تهميشا أن تساهم في تشغيل الطبقة النشيطة من المغاربة ؟ كم تقدر فرص الشغل التي توفرها زراعة القنب الهندي  للمغرب ؟. 

 نشير إلى أن معطيات هذا التحقيق أجريت تحديدا بدائرة باب برد، إحدى الدوائر الإدارية الخمس التابعة لإقليم شفشاون. كما تجدر الإشارة إلى أن عملية جمع المعلومات لم تكن أبدا بالأمر السهل،  نظرا لصعوبة الوصول إلى هذه المنطقة النائية جدا و صعوبة اقناع العمال بالإدلاء بشهاداتهم و ذلك راجع إلى أن عمل المهاجرين الموسميين هنا مرتبط أساسا بفلاحة محظورة وغير قانونية على الصعيد الوطني و يعاقب القانون المغربي بالسجن كل الفاعلين في هذا المجال الغير المهيكل و الممنوع.  معظم العمال الذين أدلوا لنا بشهاداتهم عبروا لنا عن تخوفاتهم الأمنية، لهذا ارتأينا في هذا التحقيق إلى أن نختصر أو نغير أسماءهم.

 المركز  الحضري “باب برد” باقليم شفشاون

المركز الحضري ” باب برد”

أحد دواوير المنطقة المشهورة  بزراعة القنب الهندي للقنب الهندي تاريخ مرتبط بالهجرة

 

يعتبر المغرب، من أبرز المصادر الرئيسية المنتجة للحشيش على الصعيد العالمي و المزود الأساسي و الخاص للسوق الأوروبية بهذه المادة. و يعد إقليم شفشاون من بين المناطق الأكثر شهرة بزراعة نبتة القنب الهندي، النبتة الأكثر إنتاجا على الصعيد الوطني و المَوْرد الإقتصادي الأساسي لساكنة المنطقة، التي تعتمد على نمط الفلاحة الأحادية (Monoculture) . تغطي فلاحة القنب الهندي بالأقاليم الشمالية المغربية المنتجة للكيف حوالي 45 853  هكتارا حسب مكتب الأمم المتحدة لمحاربة المخدرات و الجريمة  في تقريره العالمي حول المخدرات،  سنة 1720.

 

يعود اشتهار إقليم شفشاون بزراعة القنب الهندي إلى تاريخ قديم، يرجع المؤرخون تواجد هذه النبتة بالمنطقة الشمالية للمغرب إلى وصول بعض المهاجرين العرب إلى المنطقة وتعميرهم بالجهة خلال القرن 18 م  وخاصة ما يعرف ب (التيارات أو الأخويات الدينية و نذكر هنا تحديدا طائفة سيدي هْدِي). اشْتَهر سكان المنطقة بجودة منتوجهم الفلاحي وريادتهم في هذا القطاع، فيحكى بأنه كان يقال عنهم : “خُوتْنا  كْتَامَة، ناس فُوهَامَا، كَالُو الغابة، و يْحْرتُو الكيف و الطَابَا “. دائرة باب برد حيث أجري هذا التحقيق،  تعتبر من المناطق التاريخية لزراعة القنب الهندي منذ فترة الحماية، حيث خُصت هذه المنطقة بنوع من التسامح و الترخيص غير المباشر بالزراعة من قبل السلطات الأمنية المحلية.

هذا الترخيص المضمر الذي خَص به المخزن هذه المناطق أدى إلى هجرة  وتوافد العمال الخارجين بهدف العمل بالمنطقة، خاصة من الدواوير المجاورة.  مما ساهم في انتشار هذه النبتة  نتيجة أن بعض العمال قد أخذوا معهم بذور نبتة الكيف بعد عودتهم إلى قُراهم الأصلية واكتسابهم لمهارات وتقنيات الزارعة فقاموا بزراعتها في أراضيهم مما أدى إلى توسيع رقعة زراعة القنب الهندي في المغرب. عند استقلال المملكة (1956) أصبحت زارعة القنب الهندي ممنوعة نهائيا في المنطقة بأكملها، رغم هذا المنع فقد سمح بها ضمنيا في المناطق التاريخية، المساحة المعروفة بزراعة هذه النبتة منذ قرون.

 

في مقابل الهجرة الداخلية لليد العاملة، نسجل أن هذه المنطقة تعرف تيارين منعكسين من الهجرات.  هجرة داخلية وهجرة خارجية، حيث من المعروف والشائع في هذه الدواوير، الهجرة المعاكسة نحو المدن من طرف معظم الأسر التي تستفيد جيدا من محصولها الفلاحي آخر السنة. تهاجر هذه الأسر خاصة نحو المدن الشمالية الكبرى : كمدينة تطوان و طنجة. هذا الزحف نحو المدن، جعل هذه الأسر في حاجة متزايدة وملحة إلى يد عاملة تعوض اليد العاملة الأسرية التي كانت تعمل في صيانة فلاحتها بنفسها.  و هذا ما دفع  ببعض الأسر إلى تكليف عامل مهاجر طيلة أيام السنة يهتم بمنتوجهم الفلاحي من الزراعة إلى التحويل و الغربلة.

 الموقع الجغرافي للمنطقة

 
هجرة من أجل العمل في حقول “الكيف”

 

حسب المعطيات التي حصلنا عليها من ساكنة المنطقة، يبدأ توافد المهاجرين إلى المركز الحضري “باب برد” منذ بداية فترة الزراعة أي من بداية شهر مارس إلى آخر عملية في إنتاج الحشيش مرحلة “الطبيسلة” التي تنتهي عادة ما بين شهري يناير/ فبراير من العام الموالي. و نقدر عدد الأيام  اللازمة لموسم الكيف على الشكل التالي :

المصدر: اليد العاملة المحلية
تختلف أدوار و مهام العمال حسب نوع القنب الهندي المزروع، التقليدي أم العصري. هذا الأخير يتطلب مجهودات و مهارات أكثر من القنب الهندي التقليدي، لأنه يلزم استخدام تقنيات أحدث أثناء زراعته مقارنة مع القنب الهندي التقليدي المغربي (الغرس في حفر خاصة و التحضين) .

 
عملية التحضين و الغرس (القنب الهندي العصري)
المدن الأصلية لليد العاملة المهاجرة و دوافع الهجرة

 

 يُرجع غالبية العمال المهاجرين الذين التقينا بهم، أسباب مجيئهم إلى منطقة ” باب برد” إلى رغبتهم في ايجاد عمل بأجر مرتفع لدى أحد مزارعي نبتة الكيف. نسجل أن أغلب العمال الذين قبلوا الحديث معنا، ينحدرون من المناطق المجاورة ومدن مغربية مختلفة أهمها المدن الشمالية : تطوان، القصر الكبير، طنجة، الحسيمة، تاونات، العرائش بالإضافة إلى مدن أخرى تقع بالجنوب، الشرق و الغرب، كقلعة سراغنة، سيدي سليمان، القنيطرة، خميسات، فاس، مكناس و أزرو ..

محمد خ.  ينحدر من مدينة أزرو، يرجع أسباب هجرته إلى قلة العمل في مدينته،  يقول : ” أعمل هنا في  فلاحة الكيف لأني لا أجد في مدينتي عملا آخر يعود علي بنفس المبلغ الذي أحصل عليه هنا،  بالإضافة إلى أنني طيلة مدة عملي ب ” باب برد” لا أصرف من جيبي و أجرتي،  فرب العمل هو من يتكفل بالأكل والسكن و كل ما يلزمني للعيش”.

عبد السلام ع.  يشتغل في نفس المنطقة، ينحدر من مدينة القصر الكبير، تحديدا من منطقة ” العوامرة “،     (44 سنة) . يرتاد عبد السلام هذه المنطقة منذ ثلاثين سنة، و يرجع أسباب قدومه كذلك إلى ظروف العمل والأجرة الزهيدة التي يتقاضاها في مدينته. عند اشتغاله في فلاحة “البطاطس”  كان يتقاضى أجرة لا تتجاوز 50 درهما يوميا يقول : ” العمل هنا يمتد على طول السنة منذ الحرث، الزرع، التنقية و التعشيب، الحصاد، تجفيف القنب الهندي في أشعة الشمس و أخيرا عملية التحويل و الإنتاج”. يُسهب عبد السلام في شرح مهامه من تكسير للأرض و الحرث، مستعملا أدوات كالمنجل من أجل الحصاد و قطعة من الثوب الشفاف أو ما يُطلق عليه العمال “الكتانة السوداء”  من أجل فصل  مادة الحشيش عن النبتة الأصل .

لعبد السلام صديق يرافقه في عمله،  ينحدر من مدينته كذلك،  ناصر د. (30 سنة)، كان يزاول الفلاحة  سابقا كما كان يعمل في أوراش البناء، يرى بأن عدم توفره على شهادات دراسية و جامعية هو ما جعله يشتغل في القنب الهندي. وحسب النتائج النهائية لدراسة أكاديمية (رسالة ماجستير) كنا قد أنجزناها العام الماضي بالمعهد العالي للإعلام والاتصال بالرباط، تحت إشراف الدكتور محمد الخشاني،  حول موضوع ” العمال المهاجرون الموسميون خلال فلاحة القنب الهندي  :  أي واقع على الأرض و الميدان  و أي خطاب سياسي و إعلامي ؟ ”  فإن نسبة كبيرة من اليد العاملة التي تشتغل في حقول الكيف لا تتوفر على مستوى تعليمي. أرقام الدراسة خلصت إلى أن %31 من العمال دون مستوى تعليمي، 25% يتوفرون على المستوى الثانوي،  30% بلغوا المستوى الابتدائي و 5%   المستوى الجامعي . و كنا قد صادفنا في الميدان شبابا يحملون شهادات جامعية في الاقتصاد، القانون والعلوم الاجتماعية وغيرها من الاختصاصات لكنهم مع ذلك يقصدون العمل في القنب الهندي أثناء العطل المدرسية من أجل  مساعدة عائلاتهم  أو من أجل تمويل دراستهم.

 

تجربة أحمد ف. تختلف عن تجربة  باقي العمال الذين التقينا بهم، فهو لا يعمل على طول السنة في القنب الهندي،  بل يعمل فقط خلال عملية “الطبيسلة/ البانيو”، أي لمدة ثلاثة أشهر فقط، تحديدا من شهر نونبر إلى بداية شهر فبراير، وهي الفترة المخصصة لتصنيع الكيف بعد عملية الحصاد مباشرة.  يصف أحمد نفسه بأنه فلاح “مختص” في مرحلة واحدة فقط هي “مرحلة تصنيع الحشيش” لأنه يتقن هذه العملية، وعندما ينتهي من عمله يعود إلى أسرته حيث يقطن بمدينة  تطوان/ مرتيل. يشتغل أحمد في أعمال البناء خلال باقي أيام السنة.

 

 بدوره جاء عبد الحفيظ ج. من منطقة “إساكين” بالقرب من مدينة الحسيمة، ليشتغل بدائرة باب برد.  يبلغ  عبد الحفيظ من العمر 30 سنة. يعمل كذلك في مرحلة (الطبيسلة)، يقول : ” ليس هناك بديل لهذا العمل إطلاقا، انتقلت إلى مناطق كثيرة جدا لكن دون جدوى. مند انقطعت عن الدراسة وأنا أعمل في الكيف، نعم، 7 سنوات و أنا أعمل هنا في إقليم شفشاون قلب وعمق صناعة الكيف، كما أن الناس هنا يشتهرون باختصاصهم في إنتاج الحشيش الجيد”.

 

 من جانبه يشارك ياسين د.  تجربته مع أصدقائه فهو قد قطع مسافات طويلة من ” قلعة سراغنة ” إلى جبال “باب برد” من أجل الحصول على هذا العمل تحديدا، يقول : ” سبب قدومي إلى هنا، يرجع لكون أن مدينتي قاحلة لا تصلها الشتاء، حتى العمل في البناء قليل جدا، لا أوفر منه حتى 30 درهما في اليوم. نأتي إلى ” باب برد ” نعمل في حرث الكيف ثم نرجع إلى أهلنا، نعود مرة أخرى عندما يقترب الحصاد”.  يضيف : “خُطتي أن أعمل هنا لمدة 4 سنوات متتالية، سأدخر بعض المال ثم سأفكر في إنجاز مشروع ما مستقبلا”. ياسين لا يجد صعوبة كبيرة في القيام بعمله، حتى وإن حدث معه ذلك، فرب العمل يرشده، حاليا يشتغل كذلك في “الطبيسلة” كأصدقائه. يُصَفي الحشيش الخالص من نبتة الكيف ليصنع مادة الحشيش”بودرة”. يقول مازحا: ” أنا صانع الحشيش، كما أني أستهلكه كذلك لجودة حشيش هذه المنطقة. أعمل مقابل المال لكن أستهلك الحشيش  هنا مجانا”.

طريق مرحلة “الطبيسلة”

هجرة من أجل  الحصول على أجر مرتفع

 

يشترك غالبية العمال في بحثهم عن عمل بمبلغ جيد ومناسب. فهل وجدوا في حقول الكيف ما كانوا  يخططون إليه ؟. حسب المعطيات التي حصلنا عليها من ميدان التحقيق، نسجل أن الأجر اليومي في فلاحة الكيف يتراوح ما بين 100 درهم إلى 400 درهم في اليوم الواحد. نتعرف على ذلك من خلال قصص العمال أنفسهم.

محمد خ. يحصل في اليوم على مبلغ  يتراوح ما بين 100 إلى 120 درهما، أما في حالة ما إذا اشتغل بشكل متواصل “بالكوينتا” قد يصل أجره إلى 300 / 400 درهما في اليوم. يعلق محمد قائلا : ” هذا المبلغ لن تجده في عمل آخر، لا في قطاع البناء ولا حتى في فلاحة البطاطا أو الطماطم، ستأخذ مقابل ذلك 50 درها فقط، كما عليك أن تحضر معك زادك و تنفق من أجرك و إذا كنت تدخن على سبيل المثال فعليك أن تصرف من جيبك و بالتالي لن توفر شيئا على الإطلاق. عكس العمل هنا، فرب العمل يتكفل بكل ما يلزمك، حتى سجائرك يحضرها لك، و أجرك لا تصرف منه درهما واحدا إلى حين انتهاءك من مهمتك ” .

 يرى محمد أن العمل في  فلاحة الكيف له مزايا كثيرة،  يُعد لنا ايجابيات الاشتغال في هذه الفلاحة فيقول : ” أولا، ساعات العمل خلال فترة التحويل و التصنيع تكون نسبيا قليلة مقارنة مع باقي مراحل فلاحة الكيف. ثانيا، لا ندفع ثمن الكراء ولا حتى مصاريف الأكل.  ثالثا، الجو والمناخ هنا مريحان جدا والعيش  في هذه المناطق النائية غير مكلف إطلاقا، لا يتطلب منك مصاريف كثيرة. فمثلا إذا كنت تعمل في المدن الكبيرة  كطنجة و تطوان، سيلزمك الذهاب إلى المقهى مع أصدقاءك، سيتطلب منك ذلك 10 أو 20 درهما في اليوم، بالإضافة إلى مصاريف الأكل، الكراء والمواصلات، لكن هنا أجرك هو ملك لك وحدك حتى تنتهي من عملك و تعود إلى ديارك”.

أما عبد الغني ع. فقد كان يتقاضى في السابق عندما كان يعمل في البناء 70 درهما في اليوم، أما الآن فهو يتقاضى 100 درهم وهي كما يقول أجرة كافية بالنسبة له و لوالديه. عندما ينتهي موسم زراعة الكيف يعود عبد الغني إلى مزاولة أشغال البناء. ياسين د. يتقاضى نفس أجرة عبد الغني، 100 درهم في اليوم، أي حوالي 3 ألف درهم في الشهر، و هذا مبلغ جيد بالنسبة له، يقول : ” عندما أنتهي من عملي أجد بحوزتي 30 ألف درهم”. تختلف أجرة أحمد. ف عن أصدقاءه، فأجرته تصل خلال اليوم الواحد ما بين 250 درهما إلى 300 درهما، أما عندما يشتغل في البناء لا يتجاوز أجره 150 درهما فقط. إلى جانب الأجرة اليومية، صادفنا عمالا يحصلون على أجرتهم نهاية كل سنة، عادة ما يمكث هؤلاء العمال طيلة أيام السنة لدى  نفس أرباب العمل. و يُحسب أجر العامل في هذه الحالة حسب كمية الإنتاج النهائي لموسم القنّب الهندي لصاحب العمل، بحيث مقابل كل 100 كيلوغرام من الحشيش الخام يحصل العامل على 1000 درهم و مقابل طن واحد من الكيف يكسب العامل مليون درهم و هكذا. كلما ارتفع الإنتاج لصاحب العمل زادت أجرة العامل مما يجبر هذا الأخير على مضاعفة جهوده  لكي يكون الحصاد أكثر و بالتالي سيحصل على أجرة أكبر.

 

تجدر الإشارة إلى أن الأجر اليومي لهؤلاء العمال الموسميين قد عرف ارتفاعا ملحوظا من 50 درهما سنة 2003 إلى 55 درهما سنة 2004 حسب تقارير لمكتب الأمم المتحدة لمحاربة المخدرات و الجريمة لسنتي 2003 و 2004،  إلى أن وصل الأجر اليومي إلى 300 درهما سنتي 2018/2019 وهذا في نظرنا راجع إلى دخول واستيراد أنواع جديدة وعصرية من القنب الهندي (خردالة، باكيستانية، الميكسيكية، الماريخوانا، كريتيكال “المغرسة” )، الأمر الذي تطلب من أرباب العمل الاستنجاد بعدد أكبر من العمال الخارجيين، أكثر اختصاصا و معرفة بالتقنيات الجديدة العصرية التي أصبح يتطلبها القنب الهندي العصري.

المنتوج النهائي بعد عملية التحويل و التصنيع
ظروف العمل

 

إيجاد عمل ليس بالمهمة السهلة طبعا، لكن التعايش مع ظروفه والاحتكاك مع ساكنة المنطقة أمران ذوا أهمية كبرى بالنسبة لكل عامل مهاجر. كيف يعيش هؤلاء العمال في وسط وبيئة لا تشبه محيطهم الأصلي ؟ هل استطاعوا الاندماج مع ساكنة المنطقة ؟.

 

يشتغل ياسين د. في ظروف يصفها بالمريحة، يعمل من الساعة الثامنة صباحا إلى الخامسة مساء، بعيدا عن أشعة الشمس و المطر، فعملية “الطبيسلة” تتم داخل المنزل، لكن ياسين مع ذلك يشتكي من التضاريس المناخية القاسية للمنطقة وشدة البرد الناتج عن تساقط الثلوج.  يشتغل خمسة أشهر بالأعمال الخارجية (الحرث، الزرع و الحصاد) وأربعة أشهر بالأعمال الداخلية (التجفيف، التخرين، ثم الطبيسلة).  أما عبد الغني ع. فيرى ظروف عمله صعبة جدا، خاصة خلال عملية الحصاد ونقل الكيف من الأراضي الزراعية إلى بيت صاحب العمل، يقول : ” أقطع ما بين 20 إلى 30 مترا سيرا على الأقدام وأنا أحمل فوق ظهري 55 كيلوغراما من الكيف. الطريق هنا جد صعبة ووعرة، جبال وعقبات لكن أجرتي تبقى كما هي لا تزيد ولا تقل “. بخصوص ساعات العمل، يشير عبد الغني إلى أنه يشتغل في فصل الصيف لساعات أطول، من السادسة والنصف صباحا إلى الخامسة والنصف مساء، أما في فصل الشتاء يكون النهار قصيرا يشتغل فقط من الثامنة إلى الخامسة مساء  .و وفقا للدراسة الأكاديمية التي أشرنا إليها سابقا فإن معظم العمال تتراوح ساعات عملهم في حقول القنب الهندي ما بين 8 ساعات إلى 15 ساعة متواصلة مع عدم الاستفادة  من أيام الراحة  خاصة أثناء مراحل الحصاد، الغرس و الزرع.

 بالنسبة لعبد السلام ع. يرى بأن عمله هنا على الأقل يوفر له مسكنا لائقا و مجانيا. أصبح معتادا على مكانه الحالي وغير مستعد للتنقل إلى وجهة أخرى. أشار عبد السلام إلى أن رائحة الكيف أصبحت شيئا عاديا بالنسبة له ولا تسبب له أي  حساسية أو مشاكل صحية. يتحدث عبد السلام عن المنافسة الشديدة بين العمال خلال فترة الحرث. يقول: ” الكيف مهنة تتطور باستمرار وعلينا نحن العمال أن نواكب هذا التطور: مثلا نوع بذور “المغروسة”، يتطلب مهارات متخصصة لدى العامل، كتقنيات الزراعة الحديثة، الغرس في الحفر، الري بالتنقيط، الصيانة و الرعاية الخاصة أثناء مراحل التجفيف والمعالجة، بالإضافة إلى مجهود بدني كبير جدا “. يشير عبد السلام إلى أن العمل في الكيف له مخاطر أمنية جامة، كمداهمات الدرك الملكي للمنازل “جدارميا” . يحكي لنا بأنه ذات مرة وهو يشتغل عند أحد سكان المنطقة، فجأة داهمتهم الشرطة  فلاذوا بالفرار و تركوا خلفهم كل شيء .

 

يوافق محمد خ. تخوفات عبد السلام من الناحية الأمنية.  يقول : ” نعيش نحن العمال في خوف و رعب متواصل من الدرك الملكي، خاصة إذا كنت تشتغل في مكان قريب جدا من المركز الحضري “باب برد”. قد نتعرض لشكاية مجهولة، وشاية أو ابتزاز من طرف السلطات المحلية، كل هذا يعرضنا نحن أيضا إلى الخطر والأسئلة وقد حدث هذا الأمر مع أصدقائنا، حتى ولو كنا مجرد عمال بسطاء نعمل فقط ولا نتاجر في نبتة الكيف أو نقوم بزراعتها “. يضيف :  ” في حالة ما تعرضنا لحادث ونحن نعمل،  فصاحب العمل هو من يجب عليه أن يتكفل بكل شيء لأننا لا نملك عقد عمل معه، حتى أننا لا نملك الحق في التغطية الصحية الاجتماعية كباقي العمال.  كل ما يتعلق بحوادث العمل يتم حبيا و وديا بيننا و بين من يشغلنا “.  

ما أثار انتباهنا في شهادة العامل أحمد ف. كونه لا يفصح لعائلته بأنه يعمل في مجال القنب الهندي،  فهو يقول لأقاربه بأنه يعمل في قطاع البناء.  عندما سألناه عن السبب، أجاب بأن ” الأمر يعود ربما إلى فكرة أن العمل في الكيف هو وسيلة غير شريفة لطلب الرزق الحلال، و لأن الحشيش مرتبط بالحرام و بمخالفة تعاليم الدين الاسلامي. بالإضافة إلى شيطنة الكيف من قبل وسائل الإعلام المغربية، الجميع يتحدث عن حملات التوقيف لأطنان من الحشيش ولا أحد يتحدث عن ظروفنا نحن العمال”. أحمد يؤكد بأنه يعمل فقط في الكيف و لا يتاجر فيه و ثمة فرق شاسع بينهما.  يقول بأن الدولة لم توفر له العمل القار فلا خيار أمامه غير هذا العمل.

 

الإندماج مع ساكنة المنطقة

 

  كتقييم عام، لاحظنا من مختلف شهادات العمال، بأنهم لا يجدون صعوبات كثيرة في التعايش مع السكان الأصليين للمنطقة خاصة العمال المنحدرين من المناطق المجاورة كقبيلة بني سميح، ايساكن، ومعظم  المناطق التابعة لإقليم شفشاون.

 

بالنسبة لمحمد خ. فقد قيم نسبة اندماجه مع سكان “دوار تغصاين” حيث يشتغل بنسبة% 90 ، و يشير إلى أن نسبة الاندماج قد تصل في بعض المناطق إلى 001  . % أخبرنا محمد بأن هناك نسبة قليلة من النساء المهاجرات يشتغلن في نفس الفلاحة، لكن يوجد عدد كبير من النساء من يرافقن أزواجهن أثناء موسم القنب الهندي.  اختصاصات النساء في نبتة الكيف تختلف عن اختصاصات الرجل، لكل مهمة محددة، لكن ثمة أعمالا مشتركة بينهم. مثلا، قد تعمل النساء في تنقية وصيانة نبتة القنب الهندي لكن الرجل يتكفل بالأعمال الشاقة :  كعملية الزرع، الحرث، الطبيسلة التي تحتاج إلى خبرة أكبر.  

 

أما بالنسبة لعبد السلام ع. الرجل قد عمل في معظم دواوير منطقة كتامة، و يعرفها شبرا شبرا. لعبد السلام معارف و شبكات تواصل كثيرة، فهو بحكم تجربته لديه أرباب عمل و زبائن يتصلون به كل سنة من أجل العمل. التجربة في هذا المجال أيضا، قد ساعدت عبد الحفيظ، فهو لديه كذلك وسائل اتصالاته و في حالة لم يطلبه أحد للعمل يشمر عن ساعديه و يذهب للبحث عن قوت يومه. 

 

القنب الهندي و فرص الشغل

 

حسب آخر تقرير لمكتب الأمم المتحدة لمحاربة المخدرات و الجريمة حول القنب الهندي بالمغرب لسنة 2005، فإن عدد الأسر المغربية التي تشتغل في زراعة الكيف على الصعيد المحلي للمنطقة يبلغ 89 900 أسرة، بالإضافة إلى اليد العاملة الخارجية. بعد أكثر من عشر سنوات على هذا التقرير الذي يعتبر آخر دراسة رسمية معمقة في موضوع القنب الهندي بالمغرب، نتساءل في هذا التحقيق عن عدد فرص الشغل التي يقدمها القنب الهندي للعمال المغاربة سنويا، و كذلك عن الإطار القانوني للشغل الذي يؤطر هؤلاء العمال.

 

 للحصول على إجابات شافية عن هذه الأسئلة، توجهنا إلى وزارة الشغل والإدماج المهني والتي تتوفر على خدمة خاصة بالعمال المهاجرين خلال المواسم الفلاحية. طلبنا منهم تزويدنا بأرقام ومعطيات حول الموضوع بالإضافة إلى خدمات التغطية الاجتماعية لهؤلاء العمال كغيرهم من العمال الآخرين في قطاعات فلاحية أخرى. و كما كان متوقعا فإن الوزارة لا تتوفر على أي معلومات عن هؤلاء العمال الموسمين المتواجدين بمنطقة القنب الهندي، معللة ذلك بأنها تعمل فقط على ملف العاملات المغربيات المهاجرات إلى إسبانيا للعمل خلال موسم جني الفراولة أو إلى دول أوروبية أخرى كإطاليا و فرنسا في اطار اتفاقيات رسمية مع هذه الدول.

 

و حسب مصدر من وزارة الشغل والإدماج المهني، بالمديرية الجهوية لوزارة الشغل بالحسيمة (المصدر رفض أن نكشف عن اسمه في هذا التحقيق) ، فإن الوزارة على علمت بتواجد عدد كبير من العمال المهاجرين يعملون في القنب الهندي بالأقاليم الشمالية للمملكة، لكنها لا تتوفر على معطيات دقيقة لأن فلاحة الكيف قطاع فلاحي محظور و غير قانوني و بالتالي لا يوجد عقد عمل مع هؤلاء العمال. الوزارة كما يقول المصدر لا يمكن لها أن تعرف ما يحدث هناك إذا لم يكن ثمة تصريح بالعمل من طرف المشغل. غياب عقد العمل يعني كذلك حسب المصدر عدم قدرة العمال على الاستفادة من الخدمات الاجتماعية والضمان الاجتماعي والتغطية الاجتماعية، لأن الاستفادة من هذه الخدمات يتطلب أولا تصريحا قانونيا بالعمل. يرجع المصدر ذلك إلى كون المشغل والعامل يحكمهما معا الشعور بالخوف من المتابعة القانونية نظرا لنشاطهم في قطاع فلاحي غير مرخص له بشكل رسمي.

و تجدر الإشارة إلى أنه في السنوات الأخيرة أثير نقاش سياسي وحقوقي عام على الصعيد الوطني يدعو إلى ترخيص وتقنين زراعة الكيف بالمغرب. نقاش تبنته مجموعة من الأحزاب السياسية الوطنية على رأسهم حزب الأصالة والمعاصرة وحزب الاستقلال.

 

القنب الهندي ورقة سياسية

 

 منذ سنة 2009، أصبح القنب الهندي ملفا للمزايدات السياسية بين الأحزاب السياسية المغربية، خاصة خلال فترة الحملات الانتخابية. خلال سنتي 2013 و2015  تقدم حزبا الاستقلال والأصالة والمعاصرة بمقترحي قانونين يتعلقا بتقنين زراعة الكيف بالمغرب، كما استعملا هجرة اليد العاملة إلى المنطقة  الشمالية وفرص الشغل التي يقدمها القنب الهندي للعمال المغاربة كأدلة على ضرورة ترخيص هذه الزراعة. بعد اطلاعنا على مواد مقترح القانون الذي تقدم به الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية المتعلق بزراعة وتصنيع وتسويق عشبة الكيف، لاحظنا عدم تطرقه بشكل مباشر إلى الوضعية القانونية للعمال الخارجيين الذين يشتغلون في هذا المجال.  هذا القانون حدد فقط صفة الفلاح المعني بعشبة الكيف، الصانع والموزع.

لكي نحصل على معطيات أكثر توجهنا إلى ” نورالدين مضيان “، رئيس الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية، والذي كان من بين نواب حزب الاستقلال الذين تقدموا بهذا القانون إلى مجلس النواب سنة 2013  .

يرى “مضيان” بأن زراعة الكيف بالمغرب، نشاط يحافظ على قوت الفلاح المزارع  كما يحافظ على اليد العاملة. هذه اليد العاملة التي تأتي من أنحاء المغرب من زاكورة، ورزازات، الدار البيضاء، آسفي للاشتغال في موسم الحرث والحصاد. ويقدر “مضيان” فرص العمل التي يقدمها الكيف للمملكة بأزيد من 250 ألف منصب شغل سنويا على المستوى المحلي بالإضافة إلى اليد العاملة القارة التي تتكون من عائلات المنطقة والتي  تقدر ب 50 ألف منصب شغل. يقول معلقا على الوضع القانوني للكيف بالمغرب: ” المشرع المغربي انساق وراء التوجه الدولي الذي يجرم في بعض البلدان هذه الزراعة، فأدمجها هوالآخر ضمن المخدرات القوية. لم يفصل المغرب بين المخدرات الخفيفة و القوية و بالتالي هذه الزراعة أصبحت مُجًرمة “. يرى “مضيان” بأنه لا يمكن بسهولة الانصياع للتعليمات الدولية ونتسبب في قتل منطقة مغربية بأكملها تعيش على موارد هذا المنتوج .

 

يضيف مفسرا : ” زراعة الكيف هي واقع شئنا ذلك أم أبينا، وهجرة العمال إلى هذه المناطق لا يمكن إيقافها ولو استعمل المغرب جميع أدوات الردع و الزجر.  هذه الظاهرة في الحقيقة تدعونا إلى أن نقف وقفة تأمل لكي نعطي هذا الملف حقه. أن نعترف بأن الفلاح أو العامل لا ذنب لهما في هذه  الفلاحة، لأن المستفيد من الكيف بالدرجة الأولى  ليس هو الفلاح أو العامل و إنما المستفيدون هم المصدرون و المحولون، هؤلاء لا يتواجدون “بكتامة” أو بمنطقة الشمال، بل يتواجدون في الدار البيضاء، العيون، أكادير، أو خارج البلاد. هذا يعني أن العامل والفلاح هما فقط “خماسة” يعملان لصالح الآخرين، بل إنهما ضحايا أباطرة المخدرات الذين يستغلون فقرهم وظروفهم الاجتماعية. بل أكثر من ذلك، هؤلاء العمال على الأخص محرومون من أبسط حقوقهم، كيف لهم مثلا أن يستفيدوا من الخدمات الصحية وهم يشتغلون في وضعية غير قانونية. العديد منهم يتعرضون لحوادث الشغل أثناء العمل، أو لوشاية كاذبة. الإستراتيجية و المنظور الأمني الذي ينهجه المغرب تجاه هذا الملف يزرع الخوف و الرعب في  المنطقة، مع العلم بأن الجميع على دراية مسبقة بتواجد هذه الزراعة : الدرك الملكي، القياد، البشاوات، العمال، الولات و حتى الوزراء المنحدرين من هذه المناطق.  بعبارة واحدة أقول : لا يمكننا أن نغطي الشمس بالغربال”.

 

قبل أن نغلق ملف هذا التحقيق، نُذكر بأننا انطلقنا من فرضية واحدة مفادها أن الرغبة في الحصول على عمل بأجر مرتفع هوالسبب الرئيسي الذي يدفع العمال إلى التوافد على بلاد الكيف. مسار هذا التحقيق أكد لنا صحة هذا الطرح. العمال يقصدون المناطق المعروفة بالكيف من مختلف جهات المملكة رغم عدم توفرهم على عقود العمل، و رغم تخوفاتهم الصحية والأمنية التي تفرضها هذه المهنة نظرا لطبيعتها غير القانونية. نشير إلى أن ما هو أكثر إغراء  بالنسبة لهم هو الأجر والذي يكون في الغالب أفضل من أجرهم السابق، هذا بالإضافة إلى استفادتهم من السكن و الغذاء بالمجان.

نتساءل في نهاية هذا التحقيق : إلى أي مدى يمكن للهجرة الموسمية إلى مناطق القنب الهندي، أن تساهم في تطوير النقاش السياسي الدائر حول ترخيص زراعة الكيف رسميا بالمغرب؟.

 

 

 

عملية غرس بذور القنب الهندي في حفر خارجية

 

عملية التحويل والغربلة

 
فاطمة بتغراصا |  صحافية و باحثة في شؤون الهجرة
  [email protected]
بريس تطوان

 


شاهد أيضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.