التهامي الحراق...الكورال في الموسيقى الأندلسية ظاهرة محمودة - بريس تطوان - أخبار تطوان

التهامي الحراق…الكورال في الموسيقى الأندلسية ظاهرة محمودة

التهامي الحراق…الكورال في الموسيقى الأندلسية ظاهرة محمودة

 

تشكل ظاهرة الكورال في موسيقى الآلة تجربة جديدة لإرساء وبلورة تصور حديث لإعادة النظر في الطريقة التي تؤدى بها هذه الموسيقى التراثية من جهة ، و لحث الشباب من جهة ثانية على حمل مشعل موروث فني أصيل ، لما لهذه الفئة من دور في تنمية هذا الفن الأصيل، والعمل على تطويره، وكذا تثمين هذا التراث الثقافي الفريد من أجل ضمان استدامته.

وفي الوقت الراهن ازدهرت ظاهرة الكورال بعد جيل الرواد، وخاصة منذ بداية القرن الواحد والعشرين، فتأسس، بالخصوص، كورال دار الآلة بالدار البيضاء التابع لجمعية هواة الموسيقى الأندلسية بالمغرب، وكورال جمعية ولوعي الموسيقى الاندلسية بالمغرب، وكورال أندلسية المغرب، وكورال أزهار الأندلس للموسيقى الأندلسية (مراكش)، وكورال جهة طنجة-تطوان-الحسيمة، التابع لجمعية “نسائم الأندلس”، وكورال “مشاعل” من عاصمة البوغاز، وكورال “رنين” التابع لجمعية رباط الفتح، وكورال جمعية “رياض الطرب” الطنجاوية، وكورال جمعية “بلابل الأندلس للموسيقى التراثية” والمجموعة الصوتية “مغاني ومعاني” بفاس وغير ذلك كثير

وفي هذه الصدد، قال الأستاذ محمد التهامي الحراق، الباحث المغربي في مجال السماع والآلة، إن ظاهرة الكورال في الموسيقى الأندلسية ظاهرة محمودة على مستوى المبادرات والتوجه، لكونها ترمي إلى مقاصد رفيعة منها : توسيع دائرة الولوعين بهذه الموسيقى لدى مختلف الشرائح والفئات، وتثقيف الناس في علاقتهم مع هذه الموسيقى والانتقال بهم من التلقي الفولكلوري إلى التلقي الفني الجمالي.
لكن هذه المبادرات، يسجل الأستاذ الحراق، محفوفة أيضا بمخاطر تتمثل في كون الاسم نفسه موذن بتغريب فن تراثي أصيل له معجمه وفلسفته التي تختلف عن الخلفية النظرية والفلسفية الموسيقية لمصطلح “الكورال” في مرجعيته الموسيقية الغربية، مبرزا أنه يتم في هذا الإطار الحديث عن “المجموعة الموسيقية” أو “الغنائية” أو “الإنشادية” ضمن نسق مرجعي مغاير الطبيعة والوظائف والسياق. وحذر من أن يتولى تأطير هذه المجموعات من لا يملك الأهلية الفنية والبيداغوجية لتلقين وتكوين غير المتخصصين في سياق معاصر له إكراهاته في المجال الموسيقي المفتوح، مذكرا، في هذا السياق، بأن الموسيقى الأندلسية المغربية موسيقى عالمة، وتقتضي معرفة شعرية ونغمية وإيقاعية وأدائية وعزفية وتواصلية خاصة. وأعرب الأستاذ الحراق عن خشيته من تحول بعض المبادرات إلى مشاريع تجارية على حساب رهانات الفن وخصوصيات هذه الموسيقى التراثية، وكذا من فتح هذه المجموعات على أصوات وطرائق قد تعصف بالخصوصيات الجمالية لهذه الموسيقى، مستدركا أن هذه التخوفات لا تنسحب ولا تعمم على كل المبادرات، لكن يتم طرحها للتأمل ولممارسة نوع من النقد البناء حتى تكون هذه المبادرات خادمة للفن لا مزرية له في سياق تحولات استهلاكية قد تعصف بكل القيم الجمالية.
من ناحيته، وبعد أن ذكر الفنان والمنشد محسن نورش، رئيس جمعية الأصالة للأمداح النبوية وموسيقى الآلة، بأن موسيقى الآلة الأندلسية عرفت طفرة نوعية من حيث أساليب الأداء وبروز مجموعات غنائية متعددة في جل حواضر المملكة، أعرب عن اعتقاده بأنه “لا يختلف اثنان على كون ظاهرة الكورال في هذا المجال تأتي كقيمة مضافة لهذه الموسيقى، إلا أنه حينما ينظر إلى ثوابتها وأركانها ومقوماتها ومن يقصدها يطرح تساؤل جوهري حول ما هو الهدف والمبتغى منها ؟”. ويرى الأستاذ نورش أن “بعض المشرفين على المجموعات الغنائية الحالية يتعين أن تتوفر فيهم المؤهلات العلمية والأدبية والدراية بالشأن الآلي، مبحثا وتغنيا، وآليات التلقين والتكوين، من أجل تكوين مثل هذه المجموعات، واستقطاب أشخاص من مختلف الفئات العمرية راغبين في التزود من معين هذا التراث المغربي العريق”.
واعتبر الأستاذ توفيق حميش، الباحث في مجال التراث الموسيقي، من جانبه، أن ظاهرة المجموعات الصوتية “قديمة وجديدة” في الوقت نفسه، ذلك أن تراث موسيقى الآلة كان يغنى ولا يزال بشكل جماعي، ففي موسيقى الآلة يعتبر العازف الذي لا يغني “الصنعة” ناقص التكوين، مسجلا أن ما يعاب على الطريقة التقليدية في أداء المستعملة الأندلسية هو عدم الاهتمام بطابع الأصوات، حيث يغني، في بعض الأجواق، إلى جانب الصوت الطروب الشجي، الصوت الأجش الذي يحفظ الصنعة لكن يفتقد حلاوة الغناء.  
وفي هذا الصدد، ذكر الأستاذ حميش، رئيس جوق نهضة الموسيقى الاندلسية بمكناس، بأنه، تاريخيا، ظهرت مجموعات غنائية نسائية سميت ب”فتيات الانبعاث” وهي مجموعات ارتبطت بنشوة الانتصار على المستعمر، والتغني بالحصول على الاستقلال، ولذلك سوف ينطفئ لهيبها ويخمد إشعاعها بمرور هذه اللحظة التاريخية. وأضاف أن المجموعات الصوتية تختلف، حاليا، من حيث ظروف النشأة عن المجموعات السابقة، فهي أولا مجموعات هاوية لم ترق إلى مجموعات محترفة تضبط أسرار حرفة الغناء، وتتعامل معه بكل ما يتطلبه من حزم مدرك لتقنيات الغناء.
بريس تطوان


شاهد أيضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.