أغنية "بوم بوم" لابن تطوان والأمل المفقود - بريس تطوان - أخبار تطوان

أغنية “بوم بوم” لابن تطوان والأمل المفقود

 
أغنية “بوم بوم” …ماذا بعد ؟

من خلال هذا المقال، وبكل أمانة وتجرد، سنتجنب الحديث عن تطوان، رغم أننا نعلم أنها مسقط رأس الفنان العالمي نادر الخياط الشهير ب”الردوان” ،وسنقوم باقصاء مدينة طنجة، عاصمة المشاهير والكتاب الحالمين ،والبوهيميين ،خلال عصرها الذهبي، في الخمسينات، وكذلك مدينة فاس أيقونة المدن العتيقة، لأنه في تقديرنا المتواضع، نرى أن قطار السياحة قد ولى عن هذه المدن “المنكوبة” إلى غير رجعة، فلا الفنان “ردوان” ولا “دادي يانكي” صاحب رائعة “ديسباسيتو”  قادران على إصلاح ما أفسده الدهر.

ومرد ذلك، سبب بسيط لا يحتاج لكثرة التشخيص والتحليل، يتمثل في سيادة ثقافة المضايقة والابتزاز، “التشرميل” والعربدة بمختلف أشكالها، وفقدان المصداقية، وكثرة المرشدين المزيفين، وترييف المدن ،وانعدام الأمن بمفهومه الشامل .

وبناء عليه نرى بكل  موضوعية، أن كل مساحيق “الريدوان”، لن تصلح هذا الخراب والأعطاب التي ساهمت فيه، نشوء أحياء تحت جنح الظلام ،أحياء من قبيل حومة” الحداد” وحومة “الشوك ” وصدام و”الديزة”،و”كويلما “كاطلان” و”كرة السبع” ،و”ربع ساعة” إلخ .

هذه البشاعة العمرانية، نجم عنها، تفريخ جحافل من أطفال الشوارع ،وانتاج شباب وكهول  يشبهون الموتى، وما هم بموتى، يظلون قابعين على كراسي مقاهي الشوارع الرئيسية، صباح مساء، يراقبون بعيون جاحظة مؤخرات المارة ،وهذا أمر يزعج السياح بشكل كبير.

 

بلغة واضحة ودون نفاق، يمكن القول أن ساكنة تطوان ومرتيل وطنجة وفاس والدارالبيضاء وعموم المدن الكبرى، أصبحوا يشكلون بسبب تفشي سلوكات وأمراض اجتماعية ونفسية عويصة ،عامل طرد مركزي لتدفقات السياح نحو تلك الوجهات .

صحيح لن ينكر إلا جاحد كون المنتج العالمي ،”ردوان” قد أوفى بعهده اتجاه منطقته الشمالية، وعموم ربوع المغرب، من خلال جلبه للمغني “البورتوريكي ” “دادي يانكي”، لتنفيذ انتاج أغنية “بوم بوم” ، والتي تبرز أهم المعالم السياحية بالمغرب.

وصحيح أيضا أن هذه الأغنية أحدثت رجة قوية على منصات التواصل الاجتماعي وتلقفتها مختلف قنوات الاعلام الدولي بشغف كبير، حيث شاهد الملايين من المتتبعين، مناظر جبلية خلابة، ومشاهد بصرية مبهرة ،تسافر بالمتلقي من عنان الزرقة اللازوردية لسماء “الشاون” الصافية، وصولا الى اللون البني الخالص، المشع بين وديان الصحراء وشعابها، والممتد بكل مهابة وسحر، عبر الكتل والتلال الرملية المترامية الى نهاية المدى.

إن ما أقدم عليه المنتج والفنان “ردوان”، شيء يستحق التنويه والإشادة، لكن ككل عمل ترويجي وتواصلي سيبقى منجزا ناقصا، لأن القاعدة تقول اليد الواحدة لا تصفق.

إن ساكنة شفشاون وجبالها، وساكنة منطقة صحراء مرزوكة وتافيلالت،وورزازت ودرعة وما جاورها ، مطالبون  بمساعدة المنتج العالمي “ردوان” من خلال التعامل الواضح والشفاف مع جموع السياح الأجانب، وتجنب أخطاء تطوان وفاس وطنجة، خاصة مع بعض الفئات من السياح ،الذين يتميزون بالمعقول ودرجة عالية  من الأدب واللباقة، والقيم  الأخلاقية، مثل السياح اليابانيين  والصينيين والكوريين ،الذين يمقتون بشدة، أساليب  النصب والمكر ،والمراوغة والكذب ،وعدم احترام الوقت.

إن المنتج العالمي “ردوان” مجرد فارس في قلب معركة إعلامية وترويجية كبيرة، تستلزم تضافر جهود الجميع، فهو لا يملك عصا سحرية قادرة على تغيير الواقع المغربي المعروف ، اذا لم يكن مؤازرا بمهني  القطاع السياحي وشرطة الحدود والجمارك، والادارة المغربية، وموظفات وموظفو  استقبال الفنادق، وأصحاب المطاعم والبازارات، وسائقو سيارات الأجرة وغيرهم من المتدخلين.

 

إن السياحة بالمغرب لن تقوم لها قائمة، طالما بقي  أطفال الشوارع والمشردين والحراس العشوائيين “بالباركيات”،والمدمنون ،والشحاذون ،ونشالو الهواتف النقالة،وعاملات الجنس، وسماسرة الشقق،و ممارسو أعمال القوادة ،هم المسيطرون على الفضاء العام دون حسيب أو رقيب.

باختصار فالمنتج العالمي “ردوان” قد بلغ الأمانة، وأنتج شريطا سمعيا بصريا، مذهلا يغري بزيارة المغرب بوابة أفريقيا وأخر نقطة للبحر الأبيض المتوسط، قبل الالتحام مع أمواج المحيط الهادرة ،لكن يبقى العمل على الأرض والمصداقية والمعقول، هو المفتاح الحقيقي الذي سيعزز ثقة السائح الأجنبي،ويجعله مطمئنا خلال فترة عطلته ،على ماله ونفسه وعياله.

لقد قام “الردوان” بفتح أبواب المغرب على مصراعيها لتدفقات السياحة العالمية لكن تثمين هذه المبادرة واستدامة زخمها ، مسألة تتطلب دعما حقيقيا من طرف ساكنة الشاون والصحراء خصوصا، بعد أن أصبحت المدن الكبرى وجهات  ينفر منها  الجميع خاصة السياح الأجانب لأسباب السالف ذكرها.
بريس تطوان


شاهد أيضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.