"الشيخ حمزة القادري بودشيش بين صدق الإلهام وأوهام الإعلام" - بريس تطوان - أخبار تطوان

“الشيخ حمزة القادري بودشيش بين صدق الإلهام وأوهام الإعلام”

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه

 

 

         العنوان:”الشيخ حمزة القادري بودشيش بين صدق الإلهام وأوهام الإعلام”

الدكتور محمد بنيعيش

كلية الآداب والعلوم الإنسانية وجدة

جامعة محمد الأول

[email protected]

 

أولا:التخريف الصخبي في فصل الخريف العربي

 

    حينما تتلبد النفوس والقلوب وتظلم تتبلد العقول وتقزم،وبقدر الاستهلاك يكون مستوى الهلاك وبحسب اللغط يبترتب عنه الغلط ومن كثر لغطه كثر سقطه…

   فالنقص العلمي والأخلاقي الفادح عندنا نحن العربان أو الغربان  في هذا الزمان قد أشرف على ما نكاد نصطلح عليه بالبطالة الفكرية كما عبرنا عنها في كتابنا النقدي والجدي منذ مدة تحت عنوان “البطالة الفكرية  في مجتمعنا :الأسباب والانعكاسات”ولكن هل من ملتفت أو معتبر وقاف؟.

إن لعبة التشكيك أو الطعن في القيادات والزعامات وأولي النهى والحكمة في الأمة بشكل عشوائي وغوغائي قد أصبحت مودة العصر وطرازه الزئبقي الماكر والصاخب لإحداث انشقاق والاختراق لمجال الآخر بشتى أنواعه وفصائله، سواء كانت توجهاته سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية وكذا دينية روحية بالدرجة الأولى …ولقد نجحت هذه اللعبة الماكرة إلى حد كبير فيما تصبو إليه،فخلخلت ودمرت ،وشتتت وزورت، وأبكت وأضحكت ،وسكرت وعكرت، وقلبت فصل الخريف بوصفه بالربيع توهيما وضحكا على الذقون حتى قد أصبحت من جنس لعبة الشيطان وتخذيله للإنسان منذ كان… !!!

      كل هذا قد  يطرح تحت غطاء ما يسمى بالإعلام وبيان الحقيقة وحرية الرأي وحقوق الإنسان ومناصرة الشعوب وتصدير أوهام الديمقراطية و أوزاغ الفتنة والتشكيك في الذات والهوية…

     ومن الغريب المؤسف والمعجب أن غلمانا وسفهاء وفتيات سافرات ومزركشات ،أشباه الرجال والنساء، لم يكادوا يبلغون من العمر مداه المعدود ولا من المعرفة والتحصيل مستواه المقصود، هم الذين يسيرون دفة هذا الحراك الجماهيري المهوس نحو الهاوية المردية،وهم الذين يهيجون الشيب قبل الشباب نحو المعرة والمغرة بسحر لا ندري كيف ركبوا عناصره وصبغوا عقاقيره حتى جذب من ندب وصدق كل من كذب …إنها حرب إعلامية كلامية واهية في مضمونها وتأليفها ،خطيرة وزئبقية في تقنياتها وإلكترونيتها، تدمر بسر وتنسحب فجأة بزر، ومن غير أن يلحقها أذى أو متابعة تذكر ،ثم تعاود الكرة بثوب جديد هو نفسه الأول لكنه غير مشبه له عند التشكل ،وهذا قمة الغباوة والبعد عن الوعي الروحي الإسلامي في ذكائه واحتياطاته بالنسبة لمن انجر واجتر، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:”لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين” !!!

     هذا المخطط التغريري واللعبة الشيطانية الماكرة ربما قد تؤتي أكلها حينما توظف في حقل دنيوي تكالبي على المصالح والزعامات والكراسي واستغلال المنصب المالي والسياسي. لأنها انتهازية بطبعها وتمثل تسابقا نحو الربح السريع واختطاف المخطوف أصلا من يد السباق لخطفه حيث يتسربل سيناريو أو مشهد الخطافين والمخطوف لهم وتداول المخطوفات بغطاءات متعددة وألقاب مزركشة كلقب الديمقراطية والحرية والليبرالية…تماما كما يحدث في الغابة وبشكل ربما أكثر استحياء وانضباطا حينما تتداول الفريسة الضعيفة من مخلب إلى آخر ثم تعود بحسب تجاذب وتداول القوى إلى الذي اختطفت منه أولا وهكذا ،فتكون الغلبة والظفر بها بالغلبة والحيلة والحظ كما يقول أحمد شوقي :إنما تؤخذ الدنيا غلابا،وكما عبر هتلر :يؤخذ الحق من أفواه المدافع.وهذا ما نظر له بواقعية ورصده بعلم العلامة ابن خلدون في المقدمة وتبعه ميكيافيللي “الأمير” في لون مخالف نسبيا، وسبقهم به أبو حامد الغزالي وغيره بتسامي روحي في كتابه إحياء علوم الدين…

    فكان هذا هو حال أهل الدنيا والرأسماليين المتوحشين ورواد الصراع الطبقي وكل من قصر نظره على عالم الكون والفساد ولم ترق حدقة بصره إلى ما هو أعلى وأرقى وأوسع من أن ينافس عليه كما قال ابن السماك الصوفي الزاهد لهارون الرشيد لما طلب شربة ماء وانتظر حضورها :”إن ملكا وقيمته شربة ماء وفضلتها لجدير بأن لا ينافس فيه”والقصة معروفة لمن أراد مزيد اطلاع.

 

  ثانيا: شيخ الطريقة البودشيشية والمناعة الروحية المتصلة

 

   لكن قد  يكون من الغلط الفظيع أن يوظف هذا الإعلام مرئيه ومسموعه ومكتوبه و مقروءه وبأدواته الماكرة الواهية والبائدة في نفس الوقت لخلخلة حقل عالم الروح وطريقة الأولياء وصمام أمن وصلاح هذه الأمة وللتشكيك في منهجهم وسلوكهم وخاصة الطريقة القادرية البودشيشية والمتمثلة حاليا وبعد عمر طويل في شيخها سيدي حمزة حفظه الله وبارك له في صحته وسره ومدده وذريته ومريديه.

      فالطريقة بشيخها الحالي ستبقى مستعصية على الخلخلة أو التشكيك في الكفاءة  والقيادة والزعامة ،كما يحلو للبعض إسقاطا وصف أعمالها ومنهجها حيث لا زعامة هناك ولا قيادة ولا تخطيط ولا فبركة ،وإنما لديها شيخ روحي رباني مربي ووارث محمدي بإجازة عرفانية واستحقاق سلوكي مسند متصل و ثابت ،ومأذون بحسب قواعد التصوف السني في التسلسل المدرسي وتربية المريدين الذين لا حظ لهم فيها سوى الامتثال والنهل والتسليم لتحصيل  الخلق والمسلك القويم.

    وهي بهذا الوصف والواقع قد لا تخضع لنواميس السياسة والتجمعات الإنسانية سواء على مستوى التنظيمات الدينية المتكلفة والمستنبتة أو الرسمية والحزبية والمدنية المستحدثة ،كما أنها لا ارتباط لها من حيث الزعامة والقيادة والتسيير بشكل الشيخ البدني ووضعه الصحي والعمري ،وذلك لأنها تمثل ميدانا روحيا ثابتا وذا غاية أحادية لا غير وهي :”وأن إلى ربك المنتهى” سبق وعرضنا بعض خصائصها في كتابنا المتواضع:”الطريقة القادرية البودشيشية:شيخ ومنهج تربية”.

     ومعلوم أن العمل الروحي قد يسير طردا وعكسا مع العمل الجسمي المادي من حيث النمو مع توالي الزمن وسهر الليالي والأيام،وهو بهذا قد يفارق حال المادة وحال العقل المستمد قواه من البدن،ومن ثم فإن ميزته هي الثبات والاستقرار والسمو كلما تقدم الشيخ الصوفي ومعه مريدوه في مسيرتهم وتربصهم الروحي وتعرضهم لنفحات الطريق وإصرارهم على مطلبهم العالي والأسمى وهو :”يريدون وجهه”.

     فكيف يختل ويضل الطريق ويشكل عليه المسار من كان هدفه وديدنه هذا المطلب ؟ كما عبر عن حالهم أبو حامد الغزالي في وصف خصوصيتهم ومقاومتهم للزمان والمكان قائلا:”والقدر الذي أذكره لينتفع به أني علمت يقينا أن الصوفية هم السابقون لطريق الله تعالى خاصة ،وأن سيرتهم أحسن السير وطريقهم أصوب الطرق وأخلاقهم أزكى الأخلاق ،بل لو جمع عقل العقلاء وحكمة الحكماء وعلم الواقفين على أسرار الشرع من العلماء ليغيروا شيئا  من سيرهم وأخلاقهم ويبدلوه بما هو خير منه لم يجدوا إليه سبيلا .فإن جميع حركاتهم وسكناتهم في ظاهرهم وباطنهم مقتبسة من نور مشكاة النبوة وليس وراء نور النبوة على وجه الأرض نور يستضاء به …”الغزالي،المنقذ من الضلال مكتبة الجندي ص49.

    ومن كان استمداده من هذه المشكاة فقد لا يؤثر فيه طول العمر ولا اعتلال الصحة ولا تشويش العصر وأبواق الإعلام كيفما كان زيفها وتلونها،لأنه مستغرق في ذكر الله تعالى متصل بحبه وحب رسوله صلى الله عليه وسلم ،وهو أكثر وعيا وحياة ممن دونه من الأحياء والأصحاء شبابا وكهولا لأن:”مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه مثل الحي والميت”،كما أن حديث الولي قد يعد من أعظم الدلائل على خصوصية الشيخ الصوفي وتميز أحواله عن الأحوال البشرية العادية المتهالكة من حيث الوعي والقدرة والإرادة ،لأن كل هذه القوى والصفات مستمدة لديه من حضرة الله القدسية بالمحبة والوصال والذوق والشوق :”فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها ولئن سألني لأعطينه و لئن استعاذني لأعيذنه….الحديث .

      فمن كانت طاقته مستمدة من هذا المصدر وبهذه المعية الخاصة فقد لا يحتاج إلى نظارات أو آلات سمع أو كراسي متحركة لكي يقوم بوظيفته وخاصة في توجيه الأرواح وسياسة القلوب،إذ كل هذا قد اختزله في قوته الروحية وخصوصية القرب من الله تعالى على سبيل الولاية والمحبة حيث لا تراجع هناك “:فمن أتاني يمشي أتيته هرولة…”الحديث

   وما الجسد وحضوره ظاهريا بجماله أو علله إلا وسيلة مركزية لتسريب هذا الفيض الرباني للعطاشى والمشتاقين وطالبي الوصول والوصال معا ،فالمكنون فيه هو العين والبصر واليد والرجل والمحرك والمتحرك النوراني لا غير ،وشتان الفرق بين هذا المعنى وما يتوهمه الخارجون عن القانون ،أي قانون المعرفة والعرفان والروح والريحان ،كما عبر عنه الفنان المغربي عبد الهادي بلخياط في إحدى أغنياته:

أنا فين و انت فين   يبان ليك الفرق يا مسكين

أنت قمر وأنا بشر     واش جاب ما وصلني لـــــيك

ويقول المثل المغربي:إذا حبك القْمر بكْمالو فاشْ جاوك النجوم إذا مالوا

يقول الشاعر:

خذ ما تراه ودع شيئا سمعت به    في طالع الشمس ما يغنيك عن زحل

 

   هذا المعنى الذي استخلصناه من حديث الولي ووظفناه في حق شيخنا سيدي حمزة قريب معرفيا مما عبر عنه الغزالي في كتابه “معارج القدس في مدارج معرفة النفس”قائلا:”اعلم أن النفوس مختلفة ،فنفس مشرق صاف عن الكدورات يتلألأ فيه أنوار العلوم ،مؤيد من عند الله،ثاقب الحدس ،ذكي الذهن ،لا يحتاج إلى الفكر والنظر بل يفيض عليه من أنوار العلوم بواسطة الملأ الأعلى ما شاء من المعقولات يشرق على خياله وحسه ،فهذا النقش من المعقول يأتي المحسوس والمخيل فيحاكيه بما يناسبه من الأمثلة فيخبر عنه ،فهذا في جلابيب البدن وملابسته فإنه يستعمل البدن لا البدن يستعمله وينتفع به البدن لا هو ينتفع بالبدن ويخرج العقول إلى الفعل لا أنه يخرج إلى الفعل فهذا هو العقل القدسي النبوي “معارج القدس في مدارج معرفة النفس :دار الآفاق الجديدة بيروت ص65.

     وإنه لتعبير دقيق هذا طرحه الغزالي حول النفوس المنورة والتي هي إما نفوس أنبياء أو أولياء وارثين لهم وراثة روحية قدسية طاهرة وظاهرة:”يكاد زينتها يضيء ولم لم تمسسه نار”وخاصة حينما قال:”فإنه يستعمل البدن لا البدن يستعمله وينتفع به البدن لا هو ينتفع بالبدن”.وهي فكرة يكاد يتفق عليها جل المفكرين الروحانيين المسلمين من فلاسفة وكلاميين وفقهاء وصوفية ،كابن سينا وفخر الدين الرازي وابن حزم وابن تيمية وغيرهم ،خاصة وأن التوجه السائد لديهم في وصف الروح بأنه شيء مجرد وغير قابل للقسمة .

    إذن فهو ثابت في إشراقه إن كان مشرقا بأنوار التوحيد أو في إظلامه إن كان ملبدا ومظلما بالضلال العارض والبعيد.

       ومعلوم أن كل قابل للقسمة هو معرض للضعف والتلاشي بحسبها ،لكنه إذا كان ملازما للكم المتصل المجرد والكلي كما هو حال الروح المنور بنفحات القدس والقرب الإلهي فإنه سيستمد قوته وقيمته منه ويثبت على حاله بحسب تلك النسبة، كما عبر  الصحابي خالد بن الوليد رضي الله عنه حينما قال له بعض العرب: صف لنا محمدا .فقال:بإيجاز أو بإطناب ؟قالوا بإيجاز.قال:هو رسول الله ،والرسول على قدر المرسل !!!”.

    فجسد النبي تابع لروحه، وحرمته من حرمته وبقاؤه من بقائه، لغاية أن التراب لا يأكله ولا يفنيه !!! ، وهو نفس الحال بالتبعية مع الأولياء من الشهداء والصديقين…

   فإذا كانت قيمتهم مستمرة ولو بعد مماتهم فما بالك بهم وهم مازالوا على قيد الحياة فرحين ومستبشرين بحضرة الله ورسوله، متربصين ومتصلين،محتفظين بكامل أهليتهم والتي قد لا تسقط عنهم ما دام فيهم عرق ينبض :”ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذي آمنوا وكانوا يتقون لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة  لا تبديل لكلمات الله ذلك هو الفوز العظيم”،”إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا و أبشروا بالجنة التي كنتم توعدون نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة “.

 

    ثالثا:الشيخ سيدي حمزة وجمالية الربيع الصوفي البناء

 

     فالتربية الروحية وطريقتها من هذا الباب قد تبقى مغايرة ومختلفة كل الاختلاف عما عليه جميع التصورات المادية التالفة والموحلة في أوهام التحلل والتجزؤ والانقسام ،ولهذا فإن الشخص البليد الذهن والمبلٌد الروح والقلب قد يسقط يأسه وقصوره على أولياء الله من خلال تخلفه الروحي وافتقاده لمعانيه ،حتى قد خيل إلى البعض بأنه إذا مرض الشيخ، أو دخل في غيبوبة صحية مثلا ،قد تضيع منه خيوط التسيير وزمام الإدارة لطريقته وتلقين مريديه .لكن العكس هو ما قد يكون، إذ الشيخ الروحي الصوفي وهو حال شيخنا سيدي حمزة القادري بودشيش فيما نشعر به ونطمئن إليه كلما ازداد طول عمره قوي فيضه وإفادته بأسراره ومعارفه على مريديه أخلاقا ومعرفة وثباتا وحالا،بل فيضه قد يعم كل الوطن ومصلحته العليا ويشمل الأمة الإسلامية جمعاء بالدعاء إلى الوحدة وحقن الدماء وتفادي كيد الأعداء…

      يقول أبو حامد الغزالي في هذا الموضوع:”كلما كان العمر أطول كانت الفضيلة أرسخ وأكمل ،ولذلك لما سئل صلى الله عليه وسلم  عن العادة فقال:”طول العمر في طاعة الله تعالى”.ولذلك كره الأنبياء والأولياء الموت ،فإن الدنيامزرعة الآخرة ،وكلما كانت العبادات أكثر بطول العمر كان الثواب أجزل والنفس أزكى وأطهر والأخلاق أقوى وأرسخ…”إحياء علوم الدين،دار الكتب العلمية جزء3ص54.

     فلو ذهبنا نحلل هذه المعاني والأبعاد الروحية لحال الأولياء مع الزمان والمكان لما وسعنا كتاب أو ديوان ،ولكن غرضنا هنا هو تصحيح بعض المفاهيم الغالطة والمضببة عند بعض الإعلاميين والحزبيين والطائفيين حول حقيقة الشيخ الصوفي بصفة عامة والشيخ سيدي حمزة خاصة والذي سيبقى دائما في باب الترقي والتحدي بالحال والمقال واكتساح كل مجال من أجل إسعاد الأجيال بغير كلل أو هزال…

     ولقد سمعنا منه منذ فترة قريبة جدا كلاما كله إشارة ورمزية روحية كلها تصب في مصلحة هذا الوطن ،المغرب الغالي وملكه سيدي محمد السادس المحبوب وشعبه العزيز الوفي،وفي مصلحة كل هذه الأمة المبتلاة في عصرها بكيد الداخل والخارج على حد سواء.من بينها:أنا صحيح تبارك الله ،وأمارس الرياضة أربعة وعشرين ساعة على أربع وعشرين وأمشي في اليوم عدة كيلومترات وسري عندي لن أناوله أبدا ما دمت  في الحياة بعد عمر طويل إن شاء الله تعالى عندئذ سأضعه حيث يستحق أن يوضع… مع العلم بأن الوصية موجودة وفيها من سيخلفه اسما ورسما قد  لا يختلف حوله اثنان.كما قد يوصي المريدين على التزام حب وطنهم والالتفاف حول رمز وحدة البلاد والمخلص في خدمة الشعب والوطن أمير المؤمنين الملك سيدي محمد السادس حفظه الله ونصره ورعاه.

     كل هذا جاء في معرض تعبير الشيخ عن ثقته بما أولاه الله من إذن في الدعوة والتربية وسر في توجيه القلوب نحو معبودها بالذكر والوجد وتحسين السلوك وفيض الأحوال…

    كما أنه قد ألمح وصرح بأنه ليس بالعاجز ولا بالمخرف المنصرف أو المخبول، ردا على بعض المعتوهين من بائعي الشائعات ممن قد توهم فيه  نقصان الأهلية أو العجز،بل العكس هو الصحيح في حالة الشيخ ظاهرا وباطنا :كمال وعي ومثابرة ومسايرة لما يجري بداخل المغرب وخارجه، بل إدراك معرفي لما يجول بباطن أفكار وأرواح مريديه وكشف نوايا وهواجس وأوهام مناوئيه حيث هو لا يناوئ أحدا ولا يضمر ولا يبدي لكل البشرية إلا حبا وقصد إصلاح وفلاح.

     في حين قد يعتبر شيخنا أن التصوف في عهده يمر بربيعه الحقيقي البناء على عكس الربيع العربي العرابي المزعوم  توهيما إعلاميا والذي كله دمار وتخريب وفتن . وهذه كلمة قد قالها منذ سنوات كواقع  يشهد له القريب والبعيد ،وهو ربيع منتج ومنور  ومعتدل وأخضر، على رمزية العباءة التي رأيناه يلبسها في بعض المناسبات، وهي خضراء فاقع لونها تسر الناظرين بخضرتها وجمالها كإشارة إلى أن جمال الشيخ متكامل ظاهرا وباطنا وما بطن كان الأجمل والأكمل.

   فالخذلان قائم ومستمر وحسير لأنه من جنس المنخذلين اليائسين، لكن الطريقة ماضية بشيخها وجادة في المسير  ولن يضرها من خذلها أبدا، إذ هذه الطائفة كما عرفها الشيخ أبو العباس السبتي:  تلعب بالشيطان لا أن الشيطان يلعب بها ،وذلك لأنها مأذونة من الله تعالى ومستمدة من مشكاة نبيه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بالسند المتصل إلى شيخنا سيدي حمزة بن العباس القادري بودشيش أطال الله عمره وحفظه وزاد في مدده وسره ذخرا لهذا الوطن والأمة الإسلامية ،بل هداية للبشرية جمعاء آمين.

يقول النبي صلى الله عليه وسلم:”لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله ،وهم كذلك”،وفي رواية :”لا يزال أهل الغرب ظاهرين على الحق حتى تقوم الساعة”رواه مسلم.والله يتولى الصالحين.

 

الدكتور محمد بنيعيش

كلية الآداب والعلوم الإنسانية وجدة

كلية أصول الدين جامعة القرويين سابقا


شاهد أيضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.