إعادة احتلال شفشاون - بريس تطوان - أخبار تطوان

إعادة احتلال شفشاون

 
غارة الجنرال كباث على غمارة وإعادة احتلال شفشاون سنة 1926م
(الحلقة الأولى )
ضمن منشورات المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، صدر كتاب عن ندوتين علميتين:
– تاريخ المقاومة والحركة الوطنية بإقليم شفشاون
– طنجة بين إكراهات الوضع الدولي ومساهمتها في معركة الاستقلال والوحدة

 
ما من شك في أن الإستعمار الفرنسي حينما فرض معاهدة فاس في 30مارس 1912على المغرب، ثم تقديمه لجزء من البلادة لإسبانيا بمقتضى اتفاق 27نوفمبر 1912 كان يعرف بأنه مهما أمكنه إخضاع معظم المدن المغربية لسلطته وسلطة الإستعمار الإسباني؛ فإنه استعصت عليه وقاومته جل البوادي المغربية وأيضا بعض المدن المستعصية ومنها مدينة شفشاون المجاهدة التي نسترجع تاريخ النضال بين أحضانها وهي المدينة التي اتسمت منذ فجر تأسيسها بصفة الجهاد ومقاومة المحتل الأوروبي دفاعا عن الدين وحوزة الوطن ،وهي اليوم كذلك، تقول هذه أنا وهذا تاريخي الحافل تحيونه في هذه الندوة الهامة التي تنظمها المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير وهي مشكورة على اختتيارها لهذا المقام المنسي في ذاكرة الوطن والوطنية.

أقول إن الإستعمار الإسباني في المنطقة الشمالية من المغرب لقي مقاومة عنيدة من طرف القبائل الريفية والغمارية والجبلية على السواء، والتي أذاقته مرارة القتال وكبدته أفدح الخسائر قبل أن يرتب حساباته العسكرية والسياسية بالمنطقة ، ويسعى ليوطد تحالفه بالرغم منم الخلافات السياسية الظرفية، بل وأن يجعل من الخطة العسكرية والسياسية الفرنسية نموذجا يحتذى به وأسلوبا يسلكه في إرضاخ سكان القبائل وبعض المدن المستعصية، وهكذا تبنت إسبانيا سياسة الإحتلال العسكري المعروفة في الأدبيات الإستعمارية بعمليات “التهدئة” (pacificatoin ) وقامت بها باسم الخليفة السلطاني لتوحي للرأي العام في الداخل والخارج بأن على المخزن الخليفي يجب إرجاعها الى جادة الصواب.

والحال أننا لانكاد نتوفر على مصادر مغربية عاصرت أحداث الإحتلال العسكري الإستعماري وكتبت عن المقاومة المسلحة المغربية في الشمال بالخصوص، وفي غياب ذلك فإن المصادر المعتمدة تكون هي المذكرات والشهادات والتقارير التي حررها دهاقنة الإستعمار وكشفوا من خلالها بغير قصد في الغالب عن فصول الثورة والمقاومة المسلحة التي خاضتها القبائل الريفية والغمارية والجبلية والتي لاتذكرها الكتب والمقررات الدراسية المغربية.
والحقيقة أن فضل التعرف على هذه الملاحم البطولية يعود في بداية أمره إلى أولئك الضباط الإسبان الذين قادوا عمليات الإحتلال العسكري وتركوا ذخيرة مكتوبة إما في شكل برقيات ومراسلات مع القيادة العامة لجيوش الإحتلال ووزارة الحربية او مذكرات كما فعل كوديك وبريغير وكامبوس وخوردانا وغيرهم. وفي عهد  الإستقلال نجد المؤرح الكبير محمد ابن عزوز حكيم الذي قام على مدى عقود من الزمن باستنطاق الربائد والوثائق الإسبانية، فألف ونشر العشرات من الكتب والمجلات التي تؤرخ لرجالات ومعارك وبطولات المقاومة التي خاضتها القبائل بالمنطقة التي فرضت عليها الحماية الإسبانية .

وإن المعارك التي سجلها التاريخ للمقاومة المسلحة بالمنطقة الشمالية للمغرب مابين سنة 1909 وسنة 1927 بلغت 1320 معركة , ويمكن الرجوع في ذلك الى كتاب المؤرخ ابن عزوز وهو “دليل معارك المقاومة المسلحة في شمال المغرب (1909. 1927 ” ويمكننا تصنيفها إلى صنفين : معارك الثورة الريفية، ومعارك الثورة الجبلية .

غارة كباث الشهيرة على غمارة

إن نتائج الحملات العسكرية الإسبانية في ربيع عام 1926 كانت جد مغرية : انهزام ابن الكريم واستسلامه لفرنسا ثم نفيه، وكذلك استسلام كل من شريف سنادة حميدو الوزاني رفقة مولاي خليل ومولاي مصطفى ابن وحفيد الريسوني للمقيم العام وقائد القوات العسكرية في شمال المغرب الجنرال سان خورخو وذلك في ناحية باديس يوم 31 ماي 1926.
وقد قدم الصدر الأعظم ابن عزوز في قوات مخزنية كبيرة ليتلقى طاعة قبائل بني ورياغل وتمسمان وبني توزين وبني اوليشك وبقيوة وغيرها، والتي كانت منذ سنة 1990 قد عرقلت تقدم القوات الإسبانية والحقت بها ضربات جد قوية وبذلك تمكنت إدارة الحماية من حسم مشكلة الريف لصالحها .
يتبع في الحلقة الثانية

ذ. عبد العزيز السعود – تطوان-
عن مجلة النور  عدد 458 فبراير 2009م
بريس تطوان


شاهد أيضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.