"حمالات طراخال"..بين مطرقة الخوف وسندان العيش - بريس تطوان - أخبار تطوان

“حمالات طراخال”..بين مطرقة الخوف وسندان العيش

“حمالات طراخال”..بين مطرقة الخوف وسندان العيش
“الحمالات” اسم يطلق على نساء مغربيات اخترن عملا تنعدم فيه الكرامة الإنسانية وأبسط ظروف الحياة من أجل الحصول على لقمة عيش ملوثة بالإهانة.

هن نساء امتهن التهريب المعيشي بهدف الهروب من الفقر المدقع والظروف الصعبة والقاسية التي يعشنها كل على شاكلتها، نساء من مختلف الأعمار امتهن هذا العمل  بالمعبر الحدودي باب سبتة (طراخال)، يحملن ويتحملن جميع أنواع العنف والمضايقات والاستغلال والابتزاز من طرف الأمن والتجار، هن بمثابة  قنطرة  قصيرة يمر عليها كل من هب ودب.

 

فقبل بزوغ الخيوط الأولى من أشعة الشمس، تبدأ الحمالات حياتهن اليومية، في طابور طويل لا يكاد ينتهي، يحملن على ظهورهن أكياس ضخمة ورزم ثقيلة ، ينتظرن العبور من معبر الذل المغربي، الذي يشهد ازدحاما كبيرا لا يخلو من العنف الذي يطال ممتهني التهريب المعيشي، عنف بجميع أشكاله جسدي، لفظي، ومرات يصل إلى عنف جنسي.

ففي كل صباح يمر على “الحمالات” كابوس وحشي، مليء بالشتائم والألفاظ البذيئة، من طرف الجمارك المغاربة، حسب ماصرحت به ” بهيجة” امرأة أرملة أربعينية تستفيق كل يوم على الساعة الثانية صباحا من مسكنها بحي “سمسة”، شمال مدينة تطوان، لتتجه نحو معبر سبتة الحدودي  مع زميلاتها.

 

“بهيجة” من النساء اللواتي امتهن  نقل البضائع  منذ سنوات واللواتي يطلق عليهن اسم “الحمالات” ، سنوات طويلة من العمل لم تجني منها سوى المرض والتعب الظاهر على وجهها الشاحب، إلا أنها امرأة صبورة ومكافحة همها الوحيد أن تعيل أبناءها الثلاث . وتحكي “بهيجة” عن العنف اللفظي الذي أصبح من الأشياء المألوفة والعادية بالنسبة لها ولزميلاتها “الحمالات” ، لأنها تتكرر دائما، و تضيف في تصريحها ” أن النساء هن أكثر عرضة للعنف بجميع أنواعه، أثناء الاندفاع الذي يشهده معبر سبتة الحدودي”.

 

كباقي الحمالات تقضي”بهيجة” يوما كاملا بالمعبر من أجل دراهم معدودة، وأحيانا تعود إلى البيت خالية الوفاض، هو عمل تتجرد فيه النسوة من كرامتهن، “فالعنف هنا لا يقتصر فقط على الشتائم بل يصل إلى حد الرفس والركل من طرف الشرطة المغربية و الإسبانية عند العبور، إلا أن الإسبان أقل همجية من المغاربة” تقول بهيجة .
وتضيف ذات المتجدثة أن المعبر يشهد العديد من الإغماءات والإصابات التي قد توصلهم إلى المستشفيات، هو معبر أزهقت فيه العديد من الأرواح بسبب التعنيف الوحشي دون أدنى رحمة ولا شفقة، تضيف بهيجة.
 

 و تؤكد “بهيجة” في هذا الصدد أن ” بين الأقفاص الحديدية للمعبر لا يوجد فرق بين رجل وامرأة، الكل يأخد نصيبه من السب والشتم “، مضيفة “أن عمل التهريب رغم قسوته، إلا أنهن مجبرات على الصبر من أجل قوت يومهن”.

من جانبه تتعرض الكثير من “الحمالات” لتحرشات من طرف ممتهني التهريب و الجمارك، فأثناء الاندفاع والازدحام الذي يعرفه معبر سبتة، تتعرض النسوة إلى ملامسات في أجسادهن، الشيء الذي يزرع في نفوسهن الإحساس بالذل والمهانة، وشتى أنواع الاحتقار. إلا أن بعض الحمالات يَعْرِضْنَ أنفسهن للجمارك مقابل تسهيل مرورهن و لتجنب الانتظار في الصف الطويل ، حسب ما قالته “بهيجة”.

 

باب سبتة الحدودي هو المنفذ الوحيد لهاته الشريحة المغلوبة على أمرها،  التي امتهنت عملا مشحونا بالاحتقار والتعنيف اللاأخلاقي من أجل لقمة عيش مريرة، يواجهن هؤلاء “الحمالات” مختلف أنواع الابتزاز والإستغلال بمختلف أنواعه، ما يدفعهن لخلع قناع الأنوثة من أجل مواجهة مجتمع انعدمت فيه الرحمة إلا من قليل(…)

أمال الزروالي”
بريس تطوان

 


شاهد أيضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.