التواصل La communicion - بريس تطوان - أخبار تطوان

التواصل La communication

التواصل   La communication

 

1- يعتبر التواصل المبني أساسا على اللغة حاجة ملحة مثلها مثل الحاجات البيولوجية التي ينبغي إشباعها فالإنسان يتواصل يوميا مع أفراد العائلة مع الزملاء في العمل ،ومع الناس في الشارع ،ومع الأصدقاء ،ومع الجيران،ومع من هو في حاجة إليهم لظروف خاصة أوعرضية، أودائمة ،والعقل البشري وعقل رمزي له القدرة على فك الرموز وتسهيل عملية التواصل.

فإذا كان التواصل يدخل في صميم الحياة اليومية البشرية فإن هذا الموضوع يطرح عن أنفسنا إشكالا مهما:

ماالذي يحدث عندما نطلق العنان لألسنتنا أمام مخاطب ما ؟هل فعلا نبلغه ما نريد فقط تبليغه إياه؟أم أن شفا هنا تخوننا بإفشاء أشياء لا نرغب في قولها ؟هل الوضعية الاجتماعية تحدد سلوكياتنا اللسنية ؟على ماذا يعتمد الفعل التواصلي؟هذا ما سنحاول الإجابة عليه من خلال أفكار كل من باحثين وبرنشتاين وهابرماس الذين شغلهم هذا الموضوع وقاموا بدراسته والبحث فيه للإجابة على العديد من التساؤلات.

ولمحاولة وضع هده الإشكالات المطروحة سالفا على بساط التحليل والمناقشة نقترح هده  المقالة المبسطة التي سأفتتحها في البداية بتعريف مفهوم التواصل الذي سيمهد لنا الإجابة  على بقية الإشكالات المطروحة.

1-مفهوم التواصل :

إذا ما بحثنا في كلمة تواصل نجد أن هناك تعريفات متعددة للكلمة من بينها :إن التواصل  هو فعل تأسيس علاقة مع الأخر.هو فعل توصيل شيئ ما لشخص ما وقد جاء في قاموس لاروس الفرنسي بعض  المعاني المرادفة لفعل تواصل   ومنها : نقل شعور أو فكرة أو رأي إلى شخص أخر.وقد يحدث التواصل مباشرة مع الشخص الأخر وحها لوجه،أو

بواسطة الهاتف أو الرسائل أو عن طريق شخص ثلث (وسيط)ويمكن الجمع بين هده التعريفات وتلك في كون أن هناك علاقة بين شخصين أو أكثر قائمة إما على نقل خبر أو فكرة أو تصور حول موضوع ما.

ولتشخيص عملية التواصل الإنساني سنعمل على التعرف على وجهة نضر كل من باخثين وبرنشتاين وهابرماس في مفهوم التواصل.

2-باحثين والتواصل الاجتماعي:

بالنسبة للباخثين يرى أن لكل كلمة وجهين أي بأنها بقدر ما تتحدد بكونها صادرة عن شخص ما،فإنها أيضا تتحدد بكونها موجه إلى شخص ما وهنا نقف على الثنائية التفاعلية بين المتكلم/المرسل والمستمع /المتلقي،حيث تغدو الكلمة بمثابةحصيلة تفاعل بين المتكلم والمستمع وجسر يصل بيني وبين الآخرين ،إنها ذلك الموطن الذي يشترك فيه المتكلم والمخاطب.

وبناء على هذا لا يبقى مجال للقول بانتشاء الدلالة إلى الكلمة في حددتها،وإنما هي تنتمي إلى الكلمة بوصفها صلة وصل المتكلمين،أي انهالاتتحقق إلا في سيرورة الفهم الفعال المؤدي إلى جواب .ولا توجد الدلالة في الكلمة ولا في روح المتكلم،ولاحتى في روح المخاطب ،بل هي أثر للتفاعل بين المتكلم والمتلقي.(1)

من هنا أعاد باخثين الاعتبار لما غيب في اللسانيات البنيوية،باستحضاره لمختلف العناصر المكونة للخطاب من قبيل المظهر اللغوي والمقام وعلاقة المتخاطبين ببغضهم،يقول باحثين في هذا الصدد إن المركز العصبي لكل تحدث ولكل تعتبر ليس داخليا ولكنه خارجي إنه في المحيط المجتمعي.ولا ينبع من الداخل من الجهاز العضوي (الفيزيولوجي) للفرد المعزول سوى الصرخة الحيوانية والتي لايمكن تحليلها،إنه رد فعل عضوي خالص ليس له طابع أو سمة إيديولوجية(2).

إن حقيقة التحدث إذن هي نتاج للتفاعل الحاصل بين الفردين منظمين مجتمعيا ،وأن الوضع المجتمعي الأكثر مباشرة والبيئة المجتمعية الأوسع هما اللذان يحددان كليا بنية التحدث(3)وهده البنية لا تتحقق .لوصفها كذلك إلا في تيار التواصل اللفظي وهنا يوضح باخثين أن أي تحدث مهما كان دالا وتاما بذاته لا يكون سوى جزء من تيار التواصل اللفظي المستمر وهذا لايشكل بدوره سوى عنصر من عناصر التطور الشامل  والمستمر لفئة مجتمعية معينة،ويصوغ لنا باحثين عدة أمقلة من عبارات الحياة اليومية التي تكون جزءا لا يتجزأ من الوسط المجتمعي،إذن هي عنا صرفي الحفلة،وأوقات الفراغ،والعلاقات التي تنعقد في الفندق والمعامل،ولهذا أنواعا خاصة من المشكوكة،التي تستجيب لحاجيات أشكال الحياة العامة كحديث الصالونات هو حديث تافه لا تترتب عنه أية التزامات ،وحيث كل المشاركين متآلفين متعافين فيما بينهم ،وكحديث الزوج وزوجته ،وأحاديث السمر في البادية ،وأحاديث العمال أ ثناء الغداء…)(4).

 إن لكل مقام راسخ كما  يقول باحثين بصفة دائمة في العادات جمهوره السماعي المنظم بكيفية من الكيفيات،وله بالتالي قائمة من الصيغ الصغيرة الجارية  على الألسن،وفي كل مكان تستقر الصيغ المكشوفة في الموضع المخصص لها في الحياة المجتمعية،عاكسة إديولوجيا نوع و بنية وأهداف الجماعة و تركيبها المجتمعي،بمعنى أن البنية الاجتماعية لمتكلم ما هي كافية بنوع أو بأخر،داخل سلوكاته اللسانية،وبالتالي بإمكاننا بناء على هذا الكلام،أن ندرج المقاربة الباخثينية ضمن ذلك المنظور السوسيولساني  الذي يعتبر  المجتمع هو المحدد الأساسي للغة،وبالرجوع إلى الإشكال الوارد في المقدمة فإن باحثين يجيبنا بناء على التحليلات السابقة بالقول :إن ما ينفلت من ألسننا عندما نتخاطب مع الأخر هو بيئتنا الاجتماعية ،أو إن شئنا طريقة ونمط عيشنا الاجتماعي..

 

3-برنشتاين والتواصل اللغوي :

لقد كان برنشتاين أول من ربط الانتاجات أللسنية الواقعة بالوضعية الاجتماعية للمتكلمين،ومن تم بدأ يحيي الإنتاجات اللسنية للأطفال ليصل إلى تحديد شفرتين :شفرة محدودة وشفرة منظمة ،الشفرة  الأولى تخص فقط المنحدرين من الطبقة الفقيرة أو المهشمة،بينما تخص الشفرة الثانية أطفال الطبقة الميسورة ،وما يوضح بجلاء هاتين الشفرتين هو الاختبار الذي خص به برنتشتاين بعض الأطفال إذ قدم لهم قصة خالية من التعليق اللغوي ،فطلب منهم وصفا،فلاحظ أن الأطفال المنحدرين من الطبقات العاملة(الفقيرة) أنتجوا نصا لا يبتعد كثيرا عما هو معتمد في الصور”يلعبون بالكرة ،قذف، تكسرت الزجاجة ……إلخ بينما الأطفال المنحدر ومن الأوساط الغنية أنتجوا نصا مستقلا: الأطفال يلعبون بالكرة أحدهم سددها ،الكرة عبرت النافدة وكسرت الزجاجة ،أطلت امرأة من النافدة فهرب الأطفال……الخ.

 

 

هاتان الشفرتان تسمحان بإعطاء فكرة عن الأشكال النحوية،فالشفرة المحدودة تمتاز بالجمل  المختصرة وبدون تبعية،وبالتالي تشكل المصطلحات المحدودة +لمتكلميها عائقا في تعليمهم،وفي رؤيتهم للعالم .

 

و من هنا انكب برنشتاين على تحليل العلاقات بين البنية الاجتماعية والاستعمال اللغوي والسلوك الناجم عنهما لهذا فإن نقطة انطلاق أعمال برنتشاين ابتدأت من الإشكال التالي :هل النجاح الأجتماعي لأفراد المجتمع ودخولهم في الامتيازات الاجتماعية له ارتباط مباشرة بدرجة رسائلهم اللسنية؟

إن كل الأعمال التي قام بها برنشتاين ومجموعته في “معهد التربية”بلندن كانت بدافع الاختبار التجريبي لتلك الأطروحة وذلك بمقارنة اللغة المستعملة عن طريق الجماعات التجريبية والمتضادة اجتماعيا حيث انكبت مجهوداتهم  على بيان اختلاف استراتجيات الاستعمال اللسني،وتعدد المؤشرات اللسنية التي تعود إليها كالبنية التركيبية والتنظيم المنطقي للخطاب ، عدد الوقفات وطبيعة  الترددات وأيضا المعجم المستعمل.

هذه الاختبارات خلصت تدريجيا إلى القول بأن أفراد الطبقة الشعبية لهم قدرات لسانية أقل من هؤلاء الذين ينتمون إلى الطبقات العليا (الغنية)، وبالتالي يستعملون شفرة محدودة عكس الطبقات العليا التي تستعمل شفرة منضمة .إن أحد الأبعاد الأساسية التي تنبني عليها هاتين الشفرتين هو مفهوم الوضوح أو ثنائية الوضوح/الإضمار التي استعارها من شاتزمان  وشراوس اللذين قدما دراسة حول هذا الموضوع في الاختبار الذي أجروه على سكان إحدى المدن الأمريكية الذين شهدوا كارثة كانت قد وقعت فطلب منهم إعادة سرد أحداث هذه الكارثة فكانت النتيجة أن السكان المنحدرين من الطبقة الشعبية وصفو الأحداث بدون تحديد المكان و بدون توضيح الظروف و الملابسات ، ولا أوضاع الضحايا ، فعرف خطابهم غياب التعبيرات الواضحة في المشهد ، خلاف الطبقة الغنية فقد نبوا حكاياتهم بطريقة أوضح .

  و يمكن أن نجمل أفكار برتشتاني في الاقتراحات التالية :                

– إن التعلم و التنشئة الاجتماعية موسومان من طرف العائلة ، و أن البنية الاجتماعية تحدد من بين أشياء أخرى السلوكات السيئة .

– إن الوضعية الاجتماعية تحدد بشكل خاص نوعية التواصل لدى الأطفال في الجانب الثقافي و الوجداني و الاجتماعي .                    

– إن شروط الوجود أو العيش تحدد منطقة السلوكات الاجتماعية ، هدا المنطق الذي يشكل بدوره الطريقة الخاصة للتواصل.                           

– الكفايات اللسانية للأفراد ترتبط مباشرة بتجاربها الذهنية و الاجتماعية ، و بحكم أن الأفراد يشغلون و وضعيات اجتماعية غير متكافئة تكون خبراتهم مختلفة ، و بالمثل يخضعون لشفرات لسانية مختلفة .

4- هابرماس و الفعل التواصلي ( النشاط التواصلي )
      

يكمل هابرماس ما بدأه باحثين و برنشتاين في البحث حول موضوع التواصل بأفكار و نظريات أعطتنا بعدا آخر في فهم التواصل من منظور هابرماسي جديد ينبع من العقلانية و الحداثة الذي يوجهنا بأفكاره إلى الانتقال إلى عقل تواصلي . إن عملية إعادة البناء هذه تطلبت من هابرماس ترميم العقلانية و ذلك عبر إدخال عنصر جديد هو الاغة ، بآعتبارها و ساطة أساسية للوصول إلى التفاهم بين الذوات ، لكن ما معنى الفعل التواصلي ؟ يعرف هابرماس الفعل التواصلي بقوله :

” ذلك التفاعل المصاغ بواسطة الرموز ، و هو يخضع ضرورة للمعايير الجاري بها العمل و التي تحدد آنتظارات مختلف أنماط السلوك المتبادلة .                 

على أساس أن تكون مفهومة و معترف بها ، بالضرورة من طرف ذاتين فاعلتين على أقل تقدير (5).  
       

معنى ذلك أن المعايير الاجتماعية السائدة المعترف بها لدى الجميع هي الأساس الدذي يرجع إليه التواصل ، و تزداد هذه المعايير قوة انطلاقا من مجموعة من الموافقات التي تتموضع دلالاتها داخل التواصل الذي يتأسس آعتمادا على اللغة العادية . و تتأسس صلاحية المعايير الاجتماعية آنطلاقا من التداوت الذي يحصل في عملية التفاهم بحيث تضمنت صلاحيتها من خلال الاعتراف بالتزامات الجميع. 
         

أما الحوافز فإنها تعطينا فرصة الفعالية مع المعايير (6) و نفهم من ذلك أن الفعل التواصلي يتميز بطابعه المحدد للعلاقات التواصلية التي لا يمكن بأي حال من الأحوال ردها أو آختزلها إلى مجرد تبادل المعلومات أو المعطيات بواسطة اللغة ، هذه الأخيرة ينظر إليها هابرماس في بعدها البرغماتي أي بقصد إنتاج التفاهم ، باعتبارها كوسيط بين الدوات موجه نحو التفاهم ، إلا أنها في بعض الأحيان يمكن توضيفها لغايات الخداع و التلاعب بدل التفاهم و آدعاء أن القصد هو التفاهم ، إلا أن الإنسان قد يتصرف وفق ما تمليه عليه مصلحته الذاتية دون الاهتمام بمصلحة الآخرين . هذا الإشكال جعل هابرماس يقدم تميزا بين الفعل الاستراتيجي و البفعل الاداتي و بين الفعل التواصلي ، هذا الاخير الغرض منه هو نشدان التفاهم بين الذوات و ليس الهدف منه تحقيق النجاح أو حاجيات أساسية ، و هو على عكس الأفعال السالفة الذكر التي تسعى أساسا إلى تحقيق منافع مادية ملموسة دون الاهتمام بالتفاهم بين الذوات .  

انطلاقا من هذا التميز المختصر بين مختلف هذه الانشطة ، يتبين أن الفعل التواصلي يختلف عن باقي الأفعال الأخرى ، فالفعل الاستراتيجي و الأداتي كلهما موجه بغاية النجاح أي يحكمهما هدف برجماتي واضح و إن كان موجه بطريقة عقلانية . في مقابل ذلك نجدأن الفعل التواصلي و إن كانت تنخرط فيه مختلف الأطراف فإن الهدف الذي يحركه هو التفاهم ، و هذا الأخير لا يمكن أن يتحقق إلا بالتواصل الذي يتطلب آللغة بوصفها عنصرا ضروريا له دوران أساسيان :

الأول يتجلى في إن اللغة وسيط للوصول إلى التفاهم بتوظيف الجمل و العبارات ،و الثاني يتجلى من جهة أخرى في كونها فعل لغويا تبادليا  لجملة العلاقات الإجتماعية.

وفي هذا السياق يقول هابرماس : ‘’ لفهم الفعل التواصلي علينا أن تفترض اللغة بوصفها الوسيط الذي يمكن أن يتحقق فيه نوع من التفاهم  وبما أن هذا الأخير يفترض وجود تذوات فإن هذه الذوات لابد أن ترجع إلى العالم ما لكي تثبت فعلها اللغوي دون اجل تعميم مفهوم النشاط التواصلي ودعمه نظريا لجأ هابرماس إلى إدخال العالم المعيش  .فإذا كان التواصل في حاجة إلى سياق فإن العالم المعيشي لا يقتصر دوره على توفير بعض عناصر هذا السياق لأنه يشكل كذالك خزانا من القناعات يعمل  المشاركون في التفاعل على استلهام بعض علاماته ورموزه لإتباع الحاجة إلى التفاهم الذي يتولد داخل وضعية محددة بواسطة التأويلات القابلة لخلق الإجماع . وقد أدخل هابرماس العالم المعيش بوصفه خليفة النشاط التواصلي (8).

وفي هذا الصدد يقول هابرماس : إن المتحدث في كل فعل من الأفعال كلامه يرجع في أن واحد إلى شيئ ما يخص العالم الموضوعي وعالم الطائفية الإجتماعية وإلى عالمه الذاتي.وهذا يفترض أن المشاركين في التفاعل يمكن أن يعبئوا إمكانيتهم بحيث يكون ذالك معبرا عن الرغبة الصريحة والواضحة في التواصل التفاهم (9)

وذلك لا يعني أن الوصل إلى التفاهم يتطلب على الفاعلين في العملية التواصلية الرجوع إلى العوالم معينة سواء كانت موضوعية أو إلى العالم المعيشي أو إلى التجربة الذاتية .إضافة إلى ذلك يجب توفر الرغبة في الوصول إلى التفاهم كما أن لكل فاعل الحق في الإدلاء برأيه والدفاع عن دعائاتة و صلاحيته التي يمكن أن تقبل كما يمكن أن ترفض،فعلى الفاعل في التواصل أن يكون  مسلحا بحجج قوية تثبت صدق ما يقوله وتسهل في الوقت ذاته عملية تفهمه لدى المشتركينن،الشيء الذي سيؤدي إلى تحقيق الإجماع وإلى اتفاق مشترك بين الذوات والاتفاق يعني أن الأشخاص المعنين يقبلون صلاحيته معرفة ما ويلتزمون بها تذاواتيا.

  
  

  
 
 

ويقر هابر ماس أن موقف المشاركين في التفاعل على نوعين :موقف موجه نحو النجاح  كالتواصل الاستراتيجي و الأخر موجه نحو التفاهم كالفعل التواصلي،ففي الفعل الأول الفاعل في حساباته قرارات الفاعلين الأخرين أو واحد منهم على الأقل في تقيمه للنجاح.

وهذا النموذج من الفعل يأخذ في كثير من الأحيان طابعا نفعيا لذلك فالمناقشات تختزل في اتجاه المال والسلطة وينسق القرارات اعتماد على العلاقات الخاصة بالسوق أو السيطرة ،ويصبح بدلك نظاما أداتيا لأنه لا يتعامل مع الذوات والأشخاص ومع علاقاتهم إلا من زاوية اعتبار المشاركين في التفاعل أدوات لبعضهم البعض بهدف النجاح.

وبهده الاقتراحات يبدو لنا بجلاء ذلك التقارب في وجهة النظر بين برنشتاين  وباختين ، حيث يجيبنا برنشتاين أيضا بنفس الجواب الباختيني على السؤال الذي استصدرنا به المقدمة إن الوضعية الاجتماعية تشكل تشكيلا حاسما سلوكاتنا اللسنية، وما انفلت من الأطفال الذين قام برنشتاين باختبارهم فى سرد أحداث القصة المصورة،إلا تلك المؤشرات التي قادته إلى التعرف على وضعيتهم الإجتماعية وبالتالي تصنفيهم ضمن طبقة معينة،وعليه يمكن القول  إن التواصل الذي ينبني أساسا على اللغة ، لا نستطيع فيه آمتلاك الوجه القصدي في إبلاغ رسالة إلى مرسل إليه ، و من تم نجد أن الرسالة التي نقصد إصالها تصطحبها رسائل أخرى ، لا نملك نواصيها بل تنفلت رغما عنا و دونما وعي بها .  

                                          

أما هابرماس فالغاية التي يسعى إليها من خلال النشاط التواصلي ، هي تحقيق التفاهم داخل المجتمع و ليس تحقيق النجاح في العالم الموضوعي . لأن الحداتة يجب أن ترتبط حتى بالعالم الاجتماعي و من هنا تتجلى أهمية العالم الموضوعي الذي يقوم هابرماس بعقلنته كما عقلن العالم المعيش و أعاد بناء خطابه و تقافته .                                                                                                              

و هذا لن يتم إلا عن طريق النشاط التواصلي ، و يعتبر مفهوم التفاهم من المفاهيم الأساسية في نظرية التواصل وأهمية تتجلى في تجريد العقل التواصلي من أي معني مالم يتحقق التفاعل بين  الذوات المتحاورة فيما بينها.                                                                                               

        وبصفة عامة فالتواصل يقوم على نقل بعض الرموز والإشارات والأفكار والمفاهيم من المرسل إلى المرسل إليه وكليهما يتبادلان والتأثير فيما بينهما بواسطة شبكة التواصل:مجموع القنوات أو الرسائل التي تتحقق عن طريقها عملية التواصل .فتبقى اللغة المعتمدة على الكلام من أهم هذه الوسائل وهو نشاط عقلي منظم ومميز من شأنه تنظيم العمليات العقلية المعرفة وتسهيل مجالات التواصل الإنساني.            

وقد تتدخل قنوات أخرى غير لغوية في هده العملية،ويتعلق الأمر هنا بتعابير الوجه والإيماءات والحركات وكذلك المظهر الخارجي وما إلى ذلك.فالوجه هو النافذة التي تطل منها الأنا على العالم الخارجي،فيقوم بدور فعال في تنشيط العلاقة بين الأشخاص، ولذلك يمكن اعتبار تعابير الوجه إحدى الوسائل التي نعبر بها عما نشعر به وما نود إيصاله إلى الأخر،كالابتسام عند الرضى وانقباض الوجه عند الغضب…….،أماالإيماءات فقد تحل  بدورها محل الكلام في بعض الأحيان،وذلك بالاعتماد على الأصابع وتحركاتها،فإما أن تدل على إصدار أوامر أو تهديد ، أو تقريب شخص ما أم إبعاده أو ما إلى ذلك بحسب حركات الأصابع . وهناك أيضا المظهر الخارجي،فهو يؤثر بشكل جلي  في الشخص الأخر، فاختبار الألوان وأشكال الزى كلها تعبر عن دوافع شخصية ونفسية قد يفهمها الأخر ويستوعبها ويتفاعل معها .

وهناك قنوات التواصل غير مباشرة مثل الهاتف، والرسائل المكتوبة ،والتلفاز ووسائل الإعلام بصفة عامة،كل هذا يمكن من تحقيق التواصل بين الأفراد والجماعات.   
         

لائحة المراجع

 

(1)-راجع :الماركسية وفلسفة اللغة، لتودوروف/ باختين: ترجمة محمد البكري ويمنى العددص:6

 

(2)-نفسه ص:177

(3)- نفسه ص:147

(4)-يجعل باختين هذا التواصل ينسحب على الحياةاليومية والأدب والمعرفة والسياسة….إلخ.را.ص:
130

(5)- نفسه ص 132

(6)-يور هابرماس التقنية والعلم كإديولوجيا ص 18

(7)- نور الين أفاية الحداثة والتواصل في الفلسفة النقدية المعاصرة ص:183

(8)-أبو النور حمدي،أبو النولر حسن ،الأخلاق والتواصل دار التنوير 2009ص:146

(9) –الأخلاق والتواصل .رجع سابق ص :151.

 

 

من إعداد الطالبة:   لبابة بديع
 


شاهد أيضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.