سعيد المساري..تشكيلي حملته الريشة إلى ''بلاد بيكاسو'' - بريس تطوان - أخبار تطوان

سعيد المساري..تشكيلي حملته الريشة إلى ”بلاد بيكاسو”

سعيد المساري..تشكيلي حملته الريشة إلى “بلاد بيكاسو”

 

على الرغم من أن الفنان التشكيلي المغربي سعيد المساري قلما يعرفه الجمهور الواسع على الصعيد الوطني، فإنه يعد في الوسط الفني “المغربي ـ والأوروبي” اسما لامعا طوعت أنامله الريشة، ليطير عاليا على جناح التفوق في “بلاد بيكاسو”.

وباستعراض أجيال رواد الحركة التشكيلية بشمال المغرب، لا يمكن ذكر أعمدة الفن التشكيلي دون التوقف عند اسم سعيد المساري، صحبة رفاق الدرب وجيل الرواد من أمثال المكي امغارة ومحمد السرغيني، وعبد الله الفخار وأحمد بن يسف، وسعد بن السفاج والعلمي البرتولي، والطيب بنكيران وبوزيد بوعبيد، وعبد الكريم الوزاني ومحمد العربي بودريصة، الذين بصموا على حضور متميز في عالم الريشة، ورفعوا عاليا علم التشكيل المغربي في مختلف المحافل الدولية.

وقد فرقت الاهتمامات بين سعيد المساري وأخيه الإعلامي المتميز المرحوم محمد العربي المساري، بين من نقل العمق الإنساني والإبداع الجمالي عبر الريشة، والآخر عبر القلم، إلا أن ما يجمع بينهما هو كونهما قامتان كبيرتان كل في مجاله، وحبهما للعمل المتواصل دون كلل أو ملل، وتطلعهما للتميز دون حد الانبهار بالأضواء التي قد تتوارى مع الوقت، والتواضع والرغبة في التطور وتقديم الجديد لكن بهدوء وثبات.

كما جمع الأخوين اطلاعهما الموسوعي وفهمهما الدقيق لقضايا إنسانية وفكرية تهم الجارة إسبانيا، فقد اختار المرحوم محمد العربي المساري مجال التاريخ والتحليل السياسي والتوثيق الإعلامي، فيما اختار سعيد المساري مسار الفن والإبداع، تأريخا وتأطيرا ونقدا وتحليلا، حتى أنه أضحى يعتبر مرجعا في الحركة التشكيلية المتوسطية ودليلا لمن يريد أن يسبر أغوار الفن التشكيلي الإسباني.

ويبقى الاختيار الفني للتشكيلي المغربي سعيد المساري، الذي ولد سنة 1956 بتطوان، ويقيم منذ بداية عقد ثمانينيات القرن الماضي بإسبانيا، “متفردا ورصينا” وهو ما تعكسه لمسته الفنية الحاذقة والهادئة والمتأملة، ويظهر جليا من خلال اختيار المواد وطريقة توظيفها على الورق، مما يتيح،حسب الفنان نفسه، إمكانية مضاعفة الاستكشاف والمفاجأة، على عكس سند القماش أو الحديد أو مواد أخرى.

كما يتفرد سعيد المساري، الذي حصل على شهادات عليا من المدرسة الوطنية للفنون الجميلة بتطوان (1979) وجامعة كومبلوتينسي بمدريد (1985) والجامعة المستقلة لمدريد (1987)، باشتغاله بتقنية النحت على ركائز من ورق يمزج من خلالها بين أكثر من تقنية تشكيلية (نحت، حفر، صباغة، ورسم)، في محاولة منه لتذويب تلك الفوارق التي تميز تقنيا الممارسات الفنية عن بعضها، ثم لوضع اليد على خلفيات حدود التقاطع والتقارب بين أنواع تشكيلية مختلفة.

ويتحدث المسار الفني الطويل والناجح عن شخصية الفنان سعيد المساري، المنفتح على عوالم فن الريشة والنحت، وهو ما مكنه من الحضور في المئات من المعارض، بشكل فردي أو جماعي، سواء داخل المغرب (طنجة، الصويرة، أصيلة، الدار البيضاء، الرباط، الجديدة، تطوان ومراكش) أو خارجه (فرنسا، ألمانيا، البرازيل، إيطاليا، الشيلي، سويسرا، إسبانيا، بولونيا، الدومينيكان والنرويج)، تحدثت جميعها عن إنجازاته الشخصية ورؤيته التشكيلية، وكذا عن تطور الفن التشكيلي المعاصر المغربي المتميز.

وليس من باب الصدفة أن تعانق أعمال سعيد المساري، الذي سخر إبداعه لدعم قضايا إنسانية واجتماعية خاصة ما يتعلق بمرض الزهايمر، العالمية، لأنه لم ينسق مع موجات التشكيل كتقليعة يحدها الزمن، بل راهن شخصيا على نمط فني تجريدي لا يفهمه غالبا إلا الراسخون في التشكيل.

وفي هذا السياق يرفض سعيد المساري، الذي يعرض حاليا أعماله برواق الفن المعاصر “السعيدة” بتطوان، أن ينعت فنه بـ”النخبوي”، معتبرا أن التعبيرات الفنية “المترفعة عن السطحية” تفرض على المتلقي بذل جهد إضافي قصد ملامسة خباياها وكنهها ومعانيها، كما أن هذا النوع من الفن يتحسس ذكاء المتلقي ويجره إلى الاجتهاد وتطوير رؤيته الفنية حتى “يتجاوب مع اللوحة أو المنحوت ويفهم أفقها الجمالي”.

وبعد أزيد من ثلاثين سنة من العطاء ومزاولة الفن، يعتبر سعيد المساري أنه كفنان تشكيلي لا تزال تحكمه أطوار البدايات، إذ أن الفنان عامة يجب أن يعتبر نفسه دائما عند الخطوة الأولى، حتى يتقدم في جغرافيا الفن المبدع، ويجدد ويطور تعاطيه مع الواقع، ويجند ما ملك من مواهب، وحتى يخلد عطاؤه وتحظى إبداعاته باهتمام الأجيال حاضرا ومستقبلا.

 
 
 

بريس تطوان/عبد العزيز حيون ـ و.م.ع


شاهد أيضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.