تشغيل الأطفال خلال العطلة الصيفية بتطوان..آلام و أحلام - بريس تطوان - أخبار تطوان

تشغيل الأطفال خلال العطلة الصيفية بتطوان..آلام و أحلام

 
 
تشغيل الأطفال خلال العطلة الصيفية بتطوان..آلام و أحلام

 

فرقتهم الآمال و الأحلام، و جمعهم الشارع بما فيه من تناقضات الواقع بما ينطوي عليه من مرارة و آلام، ففي الوقت الذي يقضي أقرانهم عطلتهم الصيفية في الرحلات أو على رمال الشواطئ و المخيمات، وجد عدد من الأطفال أنفسهم يعملون خلال العطلة الصيفية مجبرين لا مخيرين.

 

و أنت تقف بسيارتك أمام إشارة ضوئية، تطالعك وجوه شاحبة و ابتسامات ذابلة، و قد أخذ العياء منها ما أخذ، بعد ساعات تحت أشعة الشمس الحارقة، تمتد إليك أنامل غضة طرية بعلب مناديل ورقية، بعبارات ترجٍّ و استجداء لا تخلو من عزة نفس و كبرياء، أولئك هم منير، يوسف، عبد الجليل، عمر،  حمزة، و آخرون قابلناهم  وهم يركضون، هربا من أحد رجال الأمن على محور الحمامة البيضاء، بالحي المدرسي بتطوان، ليفتحوا لنا قلوبهم البيضاء و يرووا لنا بعضا من تفاصيل أيامهم على قارعات الطرق، على هامش الحياة.

 

المدرسة..و العيد

 

“كندبروا على راسنا”، هكذا أجاب و دون تردد الطفل منير ذو اثني عشرة سنة من عمره، والتلميذ في السنة السادسة ابتدائي، بعد سؤال عن سبب تواجده رفقة أصدقائه في الشارع و بيعه للمناديل الورقية.

 

منير الذي بدأ العمل خلال العطلة الصيفية منذ سنتين تقريبا، قال بأنه يعمل خلال العطلة الصيفية بهدف الحصول على نقود لتغطية نفقات الموسم الدراسي و للعيد، و أنه يحصل على ما بين 40 و 70 درهما  في اليوم الواحد، ليختم حديثه إلينا بالإعراب عن أمله في أن يصبح أستاذا.

 

يوسف..المحامي الصغير

 

و يوسف ذو الخمس عشرة سنة، التلميذ في السنة الثانية إعدادي هو الآخر بدأ في مزاولة بيع المناديل الورقية منذ عامين، وأخبرنا عن المرات التي تم فيها توقيفه فيها من طرف رجال الأمن و اقتياده إلى مخفر الشرطة، حيث قضى ما بين الساعتين و الثلاث ساعات قبل أن يخلى سبيله، و أكد أن ما يدفعه لهذا العمل لمدة تتراوح بين أربع و ست ساعات رغبته في الاعتماد على نفسه و مساعدة أسرته، ريثما ينهي دراسته و يصبح محاميا.

 

لعبة المطاردة

 

أما عبد الجليل ذو الأحد عشر عاما و النصف قال لنا و قد فترت شفتاه عن ابتسامة ملؤها البراءة و العزم إن أسوء ما في هذا العمل الذي يقوم به هم “رجال الشرطة”، الذين “يطاردوننا و يمنعوننا من البيع”، قبل أن يخبرننا بأنه يحلم بأن يكون قاضيا حينما يكبر.

 

حمزة..الخوف و الحُلُم

 

حمزة  ذو العشر سنوات و هو أصغر أصدقائه، عبر لنا عن عدم رضاه على هذا العمل و خوفه من أن يعتقله رجال الأمن و تابع “كنخاف يديوني نلكوميسريا و يضربوني”، على حد قول حمزة، و أردف بأن حلمه هو أن يصبح يوما ما نجارا، قبل أن ينتهي لقاؤنا بهؤلاء الأطفال كما بدأ و هم يفرون خوفا من أحد الأشخاص الذي كان يطارد طفلا آخر يمارس نفس العمل.

 

بنعيسى..استغلال الطفولة..قراءة حقوقية

 

محمد بنعيسى رئيس مرصد الشمال لحقوق الإنسان اعتبر أن تشغيل الأطفال هو خرق حقوقي على اعتبار أن الدولة لا توفر فضاءات يقضي فيها هؤلاء الأطفال عطلتهم الصيفية لاسيما للأسر الفقيرة و المهمشة من مراكز التخييم و غيرها التي تبقى محصورة في فئات محدودة كالشبيبات الحزبية و غيرها و عدم توفر المنطقة على مراكز مؤهلة و هم ما يدفع هؤلاء الأطفال للعمل صيفا لتوفير ما يحتاجونه هم و أسرهم و توفير اللوازم المدرسية لهؤلاء الأطفال.

 

و عن خطورة عمل هؤلاء الأطفال و الاعتداءات التي من الممكن يكونوا عرضة لها أكد بنعيسى أنهم قد يتعرضون للاستغلال من خلال عملهم لساعات طويلة و التي تفوق قدراتهم البدنية، بالإضافة إلى إمكانية استغلالهم جنسيا و الاعتداءات الجسدية التي يمكن أن يتعرضوا لها.

 

و حول مدى التزام المغرب بتطبيق المواثيق الدولية التي صادق عليها ذات الصلة بعمل الأطفال، قال بنعيسى أنها تبقى مجرد حبر على ورق رغم المجهودات المبذولة من طرف القطاعات الوزارية التي تبقى دون جدوى، و دون المستوى المطلوب، و لا تمس الفئات العريضة من الأطفال في وضعية هشة.

 

لابد من تضافر الجهود لأن هذا عمل عدد من القطاعات الوزارية و الجمعيات العاملة في المجال بالإضافة إلى الإعلام من خلال التحسيس بخطورة الظاهرة.

 

و عن احتجاز هؤلاء الأطفال في مخافر الشرطة الذي يمتد لساعات أحيانا شدد بنعيسى على أن هذه الأمر هو غير قانوني بالمرة و هو يعود لعدم و عي رجال الشرطة بحقوق الطفل و هو ما تنتج عنه هذه الممارسات بحيث أنهم يتعاملون مع الأطفال كما لو أنهم يتعاملون مع الراشدين.

 

و بين الكائن و ما يجب أن يكون، يواصل منير، يوسف، عبد الجليل، عمر،  حمزة، و الآخرون حياتهم غير آبهين في انتظار إشراقة أمل يوم جديد يمحو أوجاع مجتمع قاس لا يرحم.

 

 

 

يوسف الحايك/بريس تطوان  


شاهد أيضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.