هل للبرلمان المغربي أي دور في تمثيل الشعب؟ - بريس تطوان - أخبار تطوان

هل للبرلمان المغربي أي دور في تمثيل الشعب؟

 
هل للبرلمان المغربي أي دور في تمثيل الشعب؟
 
 
أولا، لنتفق على أن المؤسسة الملكية هي التي تتحكم في مرجعية الأحزاب المشاركة في الحكومة، لتكون حداثية بما يسمح لها الترويج لسلعها، ولذلك لم نسمع أبدا أن حزب  العدالة والتنمية منذ توليه المناصب، طالب بغلق الخمارات أو الملاهي أو خاض في ملفات عصابات الحشيش أو تجرأ على مهرجان موازين… بل وحتى طلب بنكيران إلى “الهاكا” (الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري) لمحاسبة قناة دوزيم عن بث سهرة لوپيز “المخلة بالحياء” تم رفضه! وكل ما سيخوضه بنكيران من معارك لأجل تقليص سلع يستثمر فيها “المخزن” أو الرأسماليون رؤوس أموالهم سيخسر.
 
كما أنه (المخزن) يتحكم في مرجعيتها سياسيا حتى لا تفسد له علاقاته الديبلوماسية مع شركائه الغرب والخليج، فلا يمكن أن يقف بنكيران في وجه قروض البنك الدولي وتعليماته بسبب مرجعيته الإسلامية، كما لم يستطع الصمود على موقف معاداته للنظام الانقلابي المصري واضطره النظام إلى الإلتقاء بالسيسي ومصافحته.

ومن ناحية أخرى تتحكم المؤسسة الملكية في مرجعية الأحزاب لتكون محافظة بما يسمح له حفظ مصادر شرعية إمارة المؤمنين. ولذلك حتى وبعد تعميم أمر تقنين الإجهاض من طرف المنتظم الدولي، فقد عاد الملك إلى الجدل الشعبي قبل أن يقرر في الأمر ويدع ملف الإجهاض كما هو بقليل من التعديلات الصورية، ولم تستطع الأحزاب التقدمية الحداثية أن تعارض. ونرى أن الملك هنا مال إلى رأي الشعب الذي يستمد منه الدعم في كل ما يتعلق بالمرجعية الإسلامية، فأغلب محيط الملك من مستثمرين وإعلاميين حداثيين. ولن يسمح أيضا للأحزاب التقدمية باجتثاث كل ما تبقى من الدين من المدونات ومن سلوكيات المغاربة، حفاظا على علاقاته مع دول الخليج التي تبنى صوريا على أساس المرجعية الإسلامية.

لنستخلص أن لا مرجعية للأحزاب المغربية ما دامت تعمل من داخل المؤسستين التشريعية والتنفيذية غير تنفيذ وتطبيق القرارات الملكية خاصة فيما يتعلق بالخارجية وبتشريع القوانين التي تحافظ على شرعية  سلطات الملك:السياسية والدينية.
 
ويتضح هذا بجلاء في البرلمان حين نرى إزاحة برلمانيين من الحزب الحاكم لأنهما كادا يخوضان حروبا لتمثيل الشعب في مصالحه الاقتصادية والهوياتية. فقد جمد حزب العدالة والتنمية في يونيو الماضي عضوية البرلماني أفتاتي أياما من واقعتين متتاليتين: الأولى بعد عزم النواب على طرح أسئلة عن تمويل مهرجان موازين، والذي يتم عبر الضغط على الشركات المغربية الكبرى للمساهمة فيه مقابل التغاضي عن احتقارها للشغيلة وأدائها للضرائب، إضافة إلى الشيكات من تحت الطاولة من المكتب الشريف للفوسفاط نحو جمعية مغرب الثقافات.. وليلة قبل طرح النواب لأسئلتهم جاءهم أمر سامي ألزمهم الصمت.
 
وما كان البرلماني أفتاتي ليصمت لولا أنهم أخذوه بغتة في قضية ثانية منعته من حضور الجلسة البرلمانية، كانت تجواله بالمناطق الشرقية حيث تجري عمليات تهريب (…)، كما تعرف أجزاء من تلك المناطق على أنها منتجعات صيد وإقامة الخليجيين. اليوم فهمنا أن بها حظر تجول رغم أنها تقع داخل الحدود المغربية!! فالفتنة نائمة يا أفتاتي وقد أصابتك لعنة محاولة إيقاظها!.

اليوم يضغط حزب العدالة والتنمية على البرلماني رشيد السليماني بسبب امتناعه عن التصويت على “سيداو” أو اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة. هذه الاتفاقية التي وقعت عليها بعض لجان البرلمان المغربي بالإجماع، تدعي في القالب حفظ حقوق المرأة في التعليم والعمل والمشاركة السياسية، وتبطن في قلبها بنودا تنص على تخريب مدونة الأسرة المغربية المبنية قوانينها على تشريعات دينية: من إرث وشهادة وزواج وصداق وطلاق وعدة، وتوحد أدوار الرجل والمرأة في القوامة والنفقة حتى تختلط أدوار الأمومة والأبوة ويفسحوا المجال للشواذ للزواج والتبني وإنشاء أسرة من ذكرين وأطفال!.

كما أن قرارات المشاركة في حروب أو تعاونات أمنية التي من المفترض أن يوافق عليها ممثلو الشعب بعد أن يخوضوا نقاشات شعبية، تم تمريرها في سكون ودون رأي الشعب ولا ممثليه. ما جدوى توجهات الأحزاب إذن بما أن القرارات تأتي من “المخزن”: الملك ومستشاروه ومخابراته ورجالاته.. وما جدوى أن ترفع الأحزاب شعارات أيديولوجية إسلامية ويسارية وعلمانية خلال الحملات إن لم تكن إلا لتمويه الشعب.
 
 

بقلم: مايسة سلامة الناجي/بريس تطوان


شاهد أيضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.