كيـــف نكتـــب لنفيـــد ؟ - بريس تطوان - أخبار تطوان

كيـــف نكتـــب لنفيـــد ؟

 
كيـــف نكتـــب لنفيـــد  ؟ 

  2/2 

 
 

 
نعني بالكتابة.. الواعية منها، المؤثرة، التي تصل إلى قلوب القراء ونفوسهم فتحشد تفكيرهم وتنمي فهمهم.

لكل من القراءة والكتابة سيكولوجية كما يقول علماء النفس .. وأصول كما يقول كبار الأدباء والكتاب، فليس عن طريق قراءة الكتب الموجهة أو بالتدريب يمكنك أن تكون كاتبا ناجحا.

وها هو الكاتب الإنجليزي جولد سميث يقول: “إن القواعد اللغوية فحسب لا يمكن أن تجعل من أي كتابة شيئا بليغا، إنما هي تساعد على عدم الوقوع في الخطأ. وعلى ذلك فهي لا تقدم الجماليات التي تشعر أنها ذوب الروح والطبيعة”.

 

وينصح جولد سميث “ان ما تود أن تقوله يجب أن تقوله في وضوح، فيجب ألا تكون نسخة من آخرين سواء في الفكر أو التعبير”.

فالكاتب هو تجسيد لنفسه، فإذا ما قلد غيره كان مجرد أصداء فارغة للماضي أو للحاضر.

والكتابة الجيدة يجب أن تخاطب قلب القارئ وعقله. فالكثيرون الآن يعرفون – نظريا– كيف يكتبون الرواية أو القصة أو الشعر، ولكن النظريات شيء والموهبة شيء آخر.

ويقول “محمود تيمور” في هذا “إن الفن القصصي كسائر الفنون لا يمكن أن يكتسب بدرس قواعده واستذكارها أو تطبيق قوانينه تطبيقا آليا”. والرأي عنده”أنه لابد في تنشئة القاص الفني من تساند خمسة عوامل : ميل فطري وموهبة أصيلة ودراسة منظمة واطلاع دائب ومرانة فطنة”.
 

 

 
 
 وينصح تيمور الكاتب بأن يكون دائب الاطلاع في كل فن وعلم ولا يقصر في متابعة التطور الفكري دائما، كما ينصحه بأن يتأنى في إنتاجه وبأن يؤمن بما للوقت من أثر في إنضاج فنه، وأن يستفيد من تجاربه في الكتابة وأن يقنع نفسه أنه عرضة للذلل فلا يمتلكه الغرور.

وأهم ما يضعه الكاتب نصب عينيه هو الصدق، صدق الإحساس، وصدق التعبير.. وهذا الصدق لابد له أن يعتمد على نفاذ البصيرة والمعية الفكر، فإنه لا سبيل إلى الإحساس الصادق والتعبير الصادق إلا إذا كان الكاتب مزودا بقوة الفهم للنفس، وبالقدرة على سبر أغوارها، وبالحذق في تصيد خوالجها الباطنة.

فيجب على الكاتب إذن أن يحس بما يدور في المجتمع إحساسا صادقا، فيعبر عنه تعبيرا صادقا دون قصد مكشوف وفرض محتوم.

ويعود تيمور فيقول “لا فن إلا إذا كان مصدر الوحي أعماق النفس وأغوار الشعور، ولا صدق إلا إذا تحققت الاستجابة والتأثر بين الكاتب وما يعالج من تصوير وتعبير، ولا إيحاء ولا استجابة إلا إذا أطلق الكاتب نفسه على سجيتها في آفاق رحيبة لا تحدها القيود والحدود”.

وأهم عنصر يجب أن يتوفر في الكاتب هو الموهبة، فهي التيار الذي يبث الضوء وينشر الشعاع ولكنها على الرغم من عظيم أثرها يجب أن تعان بالصقل والتجربة والمران. والعمل الفني يجب أن يتوافر له إثارة العاطفة ومنادمة الوجدان وتناول العناصر الحية في المجتمع البشري وتصوير النزعات النفسية من موارد إنسانية أصيلة، وكل هذا لا يتأتى إلا إذا تناوله كاتب ذو موهبة ومران.

والكاتب الأمريكي وليم سارويان أرسل إلى كاتب ناشيء ينصحه بقوله : “أرجو أن تفهم كيف تستطيع أن تصقل أسلوبك، إن فكرة الأسلوب في الأصل هو الوضوح والجلاء، فالقارئ يجب أن يفهم تماما ماذا تعني مهما كان ما تعنيه معقدا. استعمل الكلمات التي تحتاج إليها فقط وانبذ تلك التي لا تعبر عن معنى معين فهي كلمات عقيمة لا نقع فيها، وبدونها ستكون كتابتك أكثر تأثيرا”.

 

 

“يجب أن تكون جزءا فعالا من هذا العالم، بقلب طاهر، وتذكر دائما أن هناك ما يضحك وسط أعظم المآسي، وأن هناك خيرا كثيرا وسط أعظم الشرور، تذكر ذلك التناقض من طرفه الأول إلى طرفه الآخر”.

“كما أود أن تكتب بطريقة لم يسبق لكاتب في العالم أن يكتب بها، فأي كاتب فنان حقيقي يستطيع أن يفعل ذلك، وإذا كنت لا تعرف كيف تبدأ بداية صحيحة فإنك لن تستطيع أبدا أن تكون كاتبا، سيضعونك في أدنى مرتبة كواحد من الكتاب الذين تأثروا بغيرهم فقاموا بتقليدهم وستكون تلك نهاية عملك الأدبي”.

يجب أن تكون مستقلا، وأن تؤمن بما تفعله، وأن تكون متواضعا أمام الله والعالم والحياة، ويجب أن تكافح في شق طريقك.

“أما إذا كان هناك ما يمنعك عن الكتابة ويحول بينك وبينها، فأنصحك ألا تجبر نفسك على الكتابة، لأنك لن تكون كاتبا قط.. أما إذا كنت كاتبا حقا.. فلن يحول أي شيء دون ممارستك للكتابة التي تدفعك إليها بواعث عظيمة”.

وهكذا.. فالحياة هي منبع الفن والكتابة، واصطراع المعتقدات والآمال والمخاوف، كل هذه هي القوة الدافعة للسلوك الإنساني وهي التي قال عنها الكاتب الأمريكي وليام فولكنر في الكلمة التي ألقاها بمناسبة تسلمه جائزة نوبل “إن مشاكل القلب الإنساني في صراعه الذاتي تستطيع وحدها أن تنهض حافزا على الكتابة الإبداعية، لأنه ما من شيء سواها يستحق أن يكون موضوعا للأدب.. ويستحق من الكاتب الفنان كل هذا العذاب والعرق”.
 
  

 
 والله الموفق

01/04/2014

محمد الشودري

انتهـــى

 
 
 


شاهد أيضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.