طنجة خُبزة الشمال - بريس تطوان - أخبار تطوان

طنجة خُبزة الشمال

 
 
طنجة خُبزة الشمال
 
 
لاشك أنه من خلال العنوان يتّضح لك أننا سنتطرّق لموضوع له علاقة “بالخُبزة ” بمفهومها الإعتيادي …؟ هي كذلك إلى حدٍ ما، لأنها خُبزة فاقت كل المواصفات، إنها خُبزة من نوع آخر حيث أن الكل يسعى لأخذ قطعة منها,لدرجة أنه لم يبقى لأهلها ولا قطعة …؟ فمذاقها تخطّلى الحدود ليصل إلى العالمية وحتى دول الخليج العربي,التي تهافتت من أجل الظفر بقطة خُبز قلّ نظيرها، ودون أدنى شك لهم كل المقوّمات المليونية من أجل ذلك…؟

فكما يعرف الجميع أن مدينة طنجة تعيش طفرة كبيرة على عدة مستويات منها قطاع السياحة والتّعمير، الشيء الذي أدّى إلى ظهور عدة شركات لها اهتمام بقطاع العقار، منها ماهو وطني ومنها ماهو أجنبي وعربي وخصوصا دول الخليج العربي، التى أصبحت تتنافس على المواقع الإستراتيجية في المدينة, فهناك المجموعة المصرفية البحرينية ومشروع “بوابة المغرب” من أجل منتجع سياحي كبير، وهناك أيضا مجموعة إعمار الإمارتية ومشروع “طنجيس السياحي”, دون أن ننسى شركة ديار القطرية والمشروع السياحي والعقاري بمنطقة “هوارة”….باختصار كل الأشقاء عندنا….؟

فإذن كلها مشاريع سياحية, والأكيد أنها ستخدم طبقة معينة على حساب الطبقة الشعبية المغلوب على أمرها,والتي تقاتل من أجل لقمة العيش فقط ,وبما أنه أغلب هذه المشاريع تحتاج إلى البحر….؟ فإن المواطن الطنجاوي البسيط إن أراد الاستجمام ومعانقة مياه البحر,فلن يجد أمامه إلا الشاطئ البلدي للمدينة, والذي بالمناسبة أصبح غير صالح للإستعمال,نظرا لإرتفاع نسبة التلوث في مياهه نتيجة لعدة عوامل,وأيضا إعادة هيكلته تماشيا مع مخطط “طنجة الكبرى” أمّا المناطق الخضراء في المدينة فقد تحوّلت معظمها إلى مشاريع سكنية شوّهت معالم المدينة, فتكاثرت البنايات الطويلة التي حجبت عنّا الهواء وأشعة الشمس التي تكاد تختفي من على سمائنا, كنا نرى البحر من بعيد,والان أصبح عنا بعيد.

انتشرت فوضى التعمير في كل مكان,وكنتيجة لهذا الوضع ظهرت تلاعبات في مجال العقار ترتبط بعمليات النصب والتزوير أو حتى الإستلاء وغيرها من الممارسات المخالفة للقانون.

لقد تحوّلت طنجة من منطقة ذات مجال بيئي صحّي إلى مدينة ملوّثة,كما أنه وبسبب النموا لديموغرافي المطرد,زادت معها نفايات الصرف الصّحي, والإنبعاثات الغازية لوسائل النقل ومخلفات المصانع,خاصة مع ضعف خدمات شركة ” تيكميد” المفوّض لها تدبير قطاع النظافة والتي لا تقوم بالمهام المنوطة لها على أكمل وجه ( للمزيد من المعلومات المرجو الإتجاه إلى الأحياء الشعبية لترى حجم الكارثة).

إن كثرة الوحدات السكنية و التجزئات السياحية لاتساهم بشكل أو بآخر في التخفيف من حدّة أزمة السكن,والتي تعاني منها فئة مهمة من ساكنة المدينة ,فكثرة المضاربات العقارية ترفع سقف الأثمنة ما يفوق إمكانات صاحب الدخل المحدود الذي يبقى عاجزا أمام الإرتفاع الصاروخي لأسعار التجزئات السكنية,والذي يواكبه غلاء فواتير الماء والكهرباء لشركة “أمانديس”,وكذلك ارتفاع المواد الإستهلاكية الضرورية,وعليه يبقى المواطن يُردد ” أنا فين وانت فين يبان ليك الفرق يا مسكين” .

حقيقة يجب على المسؤولين أن لا يغفلوا ساكنة طنجة خاصة الفئة المغلوب على أمرها، والتي تتألم في صمت وتُراقب عن بُعد مدينتها تُسلب منها,أصبحوا غرباء في بيوتهم، يحاولون إدراك عجلة السرعة التي تسير بها المدينة,لكنهم سرعان ما يكتشفون أنهم غير معنيين بطنجة الجديدة عليهم…؟ يريدون أن تبقى صورتها كما كانت في عقولهم و في وجدانهم….و كما حكى لهم أجدادهم عنها “طنجةعروس الشمال”,أما عن طنجة الان يقولون : نصرف الكثير ولكن نحظى بالقليل، نتكلم كثيرا ونحب قليلا، بنايات طويلة وصبر قصير,شوارع واسعة وتفكير ضيق…؟

نأمل أن لا يضيق صدر طنجة عن أبنائها، الذين عمّروها وحافظوا عليها يوم كانت في أمّس الحاجة إليهم، ولا ننسى… هُم من قاموا بإعداد هذه “الخُبزة” لتصبح على ماهي عليه الان جاهزة، حيث الكلّ يُريد قطعة منها….؟ وقتها يمكننا أن نقول للجميع ” بالصّحة والراحة”.
 
 
شقــورعمــر
 


شاهد أيضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.